مصريات
مؤمن خليفة
أطياف المولوية – هو العرض الذي يقدمه المخرج انتصار عبد الفتاح في قصر الغوري، رحلة روحية تسمو بالإنسان في حب الله ، تمزج بين المحبة والسلام بأغان صوفية و ترانيم قبطية ومختارات من التراث المصري القديم والتراث الإنساني، توليفة طقسية قدمها المخرج المعد مع رشا عبد المنعم عن سمو رسالة الأديان السماوية وعظمة الأجداد الذين عرفوا التوحيد ، لقد حرص المصري القديم على السلام عندما حرص على أن يحمل معه للحياة الأبدية كتابه الذي يؤكد فيه انه لم يقتل ولم يسرق ، تمتزج الأسطورة بالواقع وتتناغم الرموز مع عناصر الحياة اليومية لتؤكد تفرد الشخصية المصرية وعمق حضارتها التي تؤكد أن النبع الذي استقت منه دياناتها يهدف دائما الى الارتقاء بالروح ، ولهذا وظف انتصار عبد الفتاح بعض الرموز المصرية القديمة مثل ريشة “ماعت”، وعين “حورس”، وخبز “منف”، وطقس الاغتسال والتطهر، والرداء المقدس بالإضافة الى اعترافات من كتاب الموتي كدلالات درامية عميقة من التاريخ المصري، فالإلهة “ماعت” تجسيد للقانون والحق والعدل، وكانت توضع ريشة العدالة في كفة ميزان وفي الكفة الأخري ريشة “ماعت” ، أما “حورس” عند المصريين القدماء فهو “إله السماء”، وظهر على هيئة صقر ناشرا جناحيه وهو ابن إيزيس وأوزوريس وخاض صراعا مع “ست” اله الشر.. وعين حورس تعني كل قيمة إيجابية يعرفها المصري في الأبدية، واستخدم انتصار شخصيات نسائية لراهبات، وكان للاعتراف الإنساني دور كبير في العرض عن طريق اقتباس بعض الكلمات المعبرة عن الظلم والسرقة والكذب والنفاق والخداع، وما يميز العرض مشاركة فرقة سماع للإنشاد الصوفي وفرقة الترانيم القبطية وفرقة الترانيم الكنسية وفرقة إندونيسيا للإنشاد: “أطياف المولوية” هو الجزء الثاني لعرض “الخروج الى النهار” ،استكمال لحلم المخرج لتحقيق المسرح المتعدد المستويات الذي يمزج بين الاغاني الصوفية والترانيم القبطية والحكم والأمثال والتعبير الحركي عند قدماء المصريين، بمشاركة فرقة “سماع” والترانيم الإندونيسية. العرض حالة صوفية رفيعة تنقل المتلقي الى أجواء روحية من خلال الإنشاد الصوفي الإسلامي الذي تم مزجه بالترانيم القبطية.
سألت المخرج انتصار عبد الفتاح عن سر اختياره لهذا العمل فقال لي ” أردت تقديم الصوفية بمعناها الكوني الواسع فوجدتها في متون هيرمس و اللغة القبطية ، الشخصية المصرية تتمتع بقدر هائل من التسامح والمحبة والحكمة على مر العصور وعادة يعتمد منهجي في تقديم المسرح البيليفوني المتعدد المستويات الذي لا يعتمد على الحوار فقط فهناك مستويات أخري مثل الإيماءة أو الإشارة والصمت وحركة الجسد كلها عناصر تلعب دورها حتي يخرج العمل بشكل متكامل ومعبر عن الحالة الإنسانية الخاصة التي أردنا أن يصل العرض من خلالها ،عروضي لا تعتمد على الشكل التقليدي فهي ليست قصة بها عقدة ووسط ونهاية بل هي عروض تعكس حالة إنسانية ، فالتناغم الذي حدث بالعرض بين اللغة القبطية واللغة الصوفية يعكس تفرد الشخصية المصرية في كل شيء ، واستخدامنا لبعض الأشياء ساهم أيضا في إحداث هذه الحالة التي يشعربها المتلقي بعد العرض مثل ريشة العدالة الفرعونية التي كانت تكحله بها الكاهنة فمن خلالها يري الناس بعين العدالة واختيار الكاهنة السوداء لأنها كانت في تلك الأوقات تقوم بعمل حالة من التوازن الكوني بتجديد ذكري إيزيس أوزوريس فأنا قصدت إلا أعتمد على تقديم المولوية التقليدية كطريقة صوفية ولكنني قدمت المولوية بشكل أعمق من خلال سمو هذه الطريقة في الدوران الكوني كما ركزت عليها في حركة دورانها كطقس من طقوس الطريقة الصوفية، لذلك لم أر داعيا للاستعانة بكلام جلال الدين الرومي لأن نظرتي للموضوع أعمق فانا أقدم عرضًا إنسانيا وعندما كنا نقدم هذا المزج الإنساني في عرض رسالة سلام من قبل قصدت أن أضيف عبارة سلام الله على الإنسان في كل مكان بعد السلام على الأنبياء وهي موجودة داخل العرض لأن هدفي في النهاية تقديم مبادئ وطقوس السمو بالذات العليا الموجودة في كل الأديان.
فيديو فرقة ملتقى السلام وتجربة صوفية مماثلة لتجربة أطياف مولوية
جميل جدا
وليدم السلام والتناغم
من صوفيه لقبطيه ياألبي لا تحزن