مصريات
عبداللطيف فايد
كانت مفاجأة بكل المقاييس أن يغادر شيخ الازهر محمد سيد طنطاوي حياتنا الدنيا. كان عندما أسلم الروح أمس في زيارة علمية للمملكة العربية السعودية. ولم تظهر عليه آثار مرض مفاجئ يوحي باستقبال الآخرة. فكانت وفاته هادئة مثل حياته تماماً التي حفلت بآثار علمية جليلة. قرأ لها في صمت وكتبها في صمت. وأهمها كتابه “التفسير الوسيط” الذي وضع فيه عصارة عقله وقلبه. وكتبه وكأنه يسير على الشوك. فالكتابة في تفسير القرآن الكريم تحيط بها أمور كثيرة منها ما يتعلق بالقلب ومنها ما يتعلق بالعقل. ومنها ما يرتبط بالتاريخ. لكنها كلها تستلهم الوحي الإلهي الذي أنزله الله على خاتم المرسلين محمد صلي الله عليه وسلم.
و شيخ الازهر طنطاوي رضي الله عنه من أهل صعيد مصر. لكنه نشأ وتربى لدي أعمامه الذين استوطنوا الإسكندرية. فحفظ فيها القرآن. وتلقي تعليمه الأول الذي يؤهله للالتحاق بالمعاهد الأزهرية. فالتحق بمعهد الإسكندرية الديني. وحصل منه على الشهادتين الابتدائية والثانوية الأزهريتين. حيث لم يكن التعليم الاعدادي قد أنشئ بعد. ثم انتقل الى القاهرة حيث التحق بكلية أصول الدين ليتخرج فيها إماماً بالمساجد ثم واعظاً بالأزهر بالمحافل العامة. وخلال ذلك أضاء نجمه وأفادت دول كثيرة عربية إسلامية. ودول غير إسلامية من عطائه العلمي المستنير. وكان في تعبيره عن رأيه هادئ الطبع. وإذا اختلف مع آخرين كان خلافه علميا يستخدم فيه الألفاظ الراقية مهما كانت تعبر عن عنف في الرأي والتعبير ونقد الآخرين. وكان هذا من عطاء القرآن الكريم له. الذي ظل يحفظه عن ظهر قلب منذ صغره وحتى وافاه الأجل. ولذلك نري أهم كتبه “التفسير الوسيط” الذي وضع فيه كل خبرته العلمية في فهم كتاب الله. وهو الأمر الذي جعل أحاديثه في الدين والدنيا مصبوغة كلها بصبغة القرآن الكريم.
وعلى قدر عنف شيخ الازهر الراحل مع مخالفيه في التعقيب على آرائهم كان سمح الخلق طيب اللفظ حسن المعشر. فإذا انتهى تعبيره عن وصف وتقييم ما يقولون عاد الى هدوئه معهم وحسن النصح لهم ورسم الطريق العلمي لهم. وبخاصة في فهم القرآن الكريم لأنه الأساس الأول للمعرفة الإسلامية. والذي توفرت السنة الشريفة على خدمته شرحا وتفصيلا.
وفي مطلع حياته بعد التخرج في كلية أصول الدين اشتغل بالإمامة في المساجد والخطابة لروادها. وكان فيها حسن الريادة للآخرين. وأفادت بعلمه في هذا الشأن دول إسلامية عديدة من أهمها العراق. لكنه كان نجما مضيئا في كل المؤتمرات والمحافل العلمية يعود الجميع الى كلمته والاهتداء بما يقول. وكتبه ورسائله العلمية ومقالاته الكثيرة وأحاديثه الإذاعية التي طافت تسجيلاتها الآفاق تشهد له بذلك في وضوح وبيان.
ولا يستطيع أحد في هذه العجالة أن يحيط بشخصية شيخ الازهر طنطاوي علما وخلقا وآثارا في تفسير القرآن الكريم والاستنارة بمصابيحه العلوية في متاهات الحياة الحديثة التي حفلت بعلم وأعلام في الدين. لكنها وزنت بكثير من الذين خرجوا على الصراط المستقيم في فهم الإسلام. فكان الشيخ طنطاوي هاديا لهم.
وكان هذا الشيخ الجليل من أكثر شيوخ الأزهر استقبالا لضيوف مصر من الأعلام غير المسلمين. فكان يشرح لهم الإسلام وامتيازه على كل النظريات والمذاهب الوصفية. مما يجعله هو الطريق الأمثل بل الطريق الوحيد لريادة الحياة لأنه دين من عند الله الذي يحيط علمه بما يصلح الدنيا ويسعد حياة الإنسان في الآخر. وكان بذلك داعية متنقلا في كل أنحاء الدنيا وهو يأخذ مكانه القيادي الأول في مشيخة الأزهر الشريف.
ولم يكن أصدقاء الشيخ من أعلام المسيلمين فقط. وإنما كانت تربطه صداقات طيبة مع غير المسلمين من ذوي الشأن والحيثية بين أقوامهم. وكان بذلك داعية للإسلام بالقدوة والموعظة الحسنة التي تجسم لهم الإسلام في أجمل صوره وأحسن مرائيه.
ولست أحاول في هذه العجالة أن أكتب عن الشيخ الجليل الراحل. ولكن الكتابة هنا تعبر عن مقتضى الحال بالإشارة فقط. فسيوالي أهل البيان الأحاديث عن هذا الرجل الفاضل كعلم من أعلام الإسلام في العصر الحديث.. طيب الله ثراه وأجزل مثوبته في الصالحين.
نعت المنظمة الاسلامىة للتربية والعلوم والثقافة ايسيسكو الشىخ الدكتور محمد سيد طنطاوى واهم ما جاء فى النعى ؛ان العالم الاسلامى فقد بوفاة الدكتور الشىخ احدكبار اعلام العلم والفقه والفكر والثقافة الاسلامىة كما قالت ان الشيخ كان صوتا حكيما داعيا الى التسامح والاعتدال والاوسطية فى الافكار والمواقف .وقد نشر تفسيرا للقرآن الكرىم يقع فى خمسة عشر مجلدا بعنوان “التفسير الوسيط للقرآن الكرىم “بالاضافة الى عدد من المؤلفات الفقه الميسر والقصة فى القرآن الكرىم وبنو اسرائيل فى القرأن الكرىم ………سائلة الله تعالى ان ينزله منزل صدق فى جنة الخلد مع النبيين والصديقين والشهداء………………….هذا موجه للاستاذ/الفرحان
اللهم .امين .امين.امين .شكرا لاسره مصريات جزاكم الله خير .