فجأة وبدون سابق إنذار خرجت قناة التليفزيون الألماني لتؤكد أنها اكتشفت أن مايكل أنجلو أعظم رسامي عصر النهضة لم يكن من الموالين للكنيسة بل كان عدوا لها. بدأت الحكاية عام2001 عندما تم تكليف أحد المهندسين الإيطاليين بترميم قبر البابا يوليوس الثاني, فاكتشف بالمصادفة أن أنجلو لم يكن من أنصار الكنيسة, حيث كان ينتمي إلي إحدي الجماعات المعادية للفاتيكان بوصفها جماعة تتبع الأفكار الراديكالية والتي تهدف إلي إصلاح الكنيسة من الداخل, وقد أثبت هذا المهندس المعماري أن النقش الموجود علي قبر البابا ما هو إلا تمثال للنبي موسي عليه السلام.
أما النبش الثاني الذي جاء في دفاتر الأدب فهو من دولة التشيك التي اكتشفت فجأة أيضا أن لديها كاتبا اسمه ميلان كونديرا قارب علي الموت دون أن يحظي بتكريمها ولا حتي باحترامها, فالأديب التشيكي ممنوع من التداول في مسقط رأسه بسبب مؤلفاته إبان الشيوعية فضلا عن مقاطعة مواطنيه له بسبب عدم دعمه للمنشقين التشيكيين علي الشيوعية, وكذلك محوه لماضيه الشيوعي وعدم إبدائه أي ندم حيال ذلك فضلا عن اتهامه بالوشاية لصالح الغرب برغم أنه نفي ذلك. المهم أن التشيك قررت أن تحتفل به في ندوة كبيرة بمناسبة عيد ميلاده الثمانين, وأن تدعوه إلي زيارة بلده الأم علانية بعد أن كان يأتي إليها خفية. الطريف أن الندوة عقدت واستمرت ثلاثة أيام وحضرها نخبة من الأكاديمين والمهتمين بأدب كونديرا حيث قاموا بتحليل أثره الأدبي, ولكن كل ذلك في غياب صاحب الاحتفالية الأصلي الذي رفض الحضور شاكرا منظمي الندوة وواصفا إياها بأنها تشبه احتفاليات الموتي. لم تكن تلك هي المرة الأولي التي يرفض فيها كونديرا الحضور إلي التشيك, فقد سبق وغاب عن تسلم الجائزة الوطنية للأدب التشيكي والتي غاب عنها أيضا كل من رئيس الدولة ورئيس وزرائها ووزير ثقافتها, ربما من أجل هذا خشي كونديرا أن تتكرر نفس المسألة فآثر المكوث في موطنه الثاني فرنسا والتي أصبح يكتب بلغتها بعد أن تخلي عن وطنه ولغته, لدرجة أنه عقابا له لم تترجم أعماله إلي التشيكية حتي الآن ولكن ربما تترجم قريبا بعد كتابه الأخير الذي يحمل عنوان لقاء كونديرا لم يأبه لخطوة بلاده هذه, مؤكدا أنه فرنسي وكذلك كتاباته لابد أن تدخل ضمن السياق الفرنسي وليس التشيكي.
أما النبش الثالث فجاء ضد الفيلسوف اليوناني العظيم سقراط إذ إنه جاء ليؤيد حكم الإعدام الذي جري بشأنه, وذلك بناء علي رأي الباحث باول كارتليدج الذي انتهي إلي أن الديمقراطية في الماضي تختلف عن الديمقراطية في الحاضر, إذ لا صحة لما كان يقال من أن الإعدام جاء بناء علي وشاية خصومه من السياسيين, وبأنه كان كبش فداء للكوارث التي حلت باليونان بسبب نقده اللاذع للحكام هناك, فالباحث في المسألة يكتشف أنه برغم تفاهة تهم سقراط بالنسبة لنا فإنها في ذلك الوقت كانت تعد تهما تستحق الإعدام لأنها بالنسبة للمواطنين أغضبت الآلهة وجعلتهم يصيبون اهل البلاد بالطاعون والهزائم المتكررة والمصائب فلم يكن هناك حل آخر سوي التخلص ممن سبب لهم ذلك ألا وهو سقراط, والذي تصور في البداية أن مسألة الإعدام لا تعدو كونها مزحة سخيفة سرعان ما ستنتهي, إلا أنه فوجئ بأنها حقيقة واقعة فاختار أن يموت هو بطريقته الخاصة عن طريق احتساء السم. وقد اعتبر المجتمع أنه تخلص بذلك من غضب الآلهة.