احكي يا شهرزاد و معركة النساء في مواجهة المجتمع الذكوري
مصريات
بقلم :أحمد صالح
> أنا احترم المرأة.. وبالتأكيد انت ايضا.. فمن المستحيل ان تكون من عشاق السينما ومن قراء هذه الصفحة ولاتحترم المرأة.. ومن المؤكد انك سعدت – أو سوف تسعد – مثلي بهذه الصرخة المدوية الجميلة التي طرحها علي الورق الكاتب المبدع وحيد حامد واطلقها علي الشاشة المخرج الرائع يسري نصر الله! والغريب ان كل منهما صاحب مدرسة سينمائية مختلفة.. وهذا ما اثار اهتمامي عندما قرأت الخبر منذ شهور.. ان سيناريو »احكي يا شهرزاد« لوحيد يقرأه باهتمام يسري! تصورت وقتها ان لقاءهما السينمائي لن يحدث.. لذلك عندما وقع وبدأ تصوير فيلم احكي يا شهرزاد بالفعل.. كنت أكثر الناس حرصا علي مشاهدة الفيلم في العرض الخاص.. حيث اكتشفت كيف يبدو جميلا ورائعا ان يندمج ابداع المدرستين معا ليؤدي إلي ظهور مدرسة ثالثة فيها من »العبقرية« الكثير!
> وشهر زاد القرن الواحد والعشرين كما ابدعها سيناريو وحيد حامد هي المذيعة هبة يونس »مني زكي« التي تروي من خلال برنامجها الفضائي اليومي علي الهواء »آخر الليل وأول النهار«حكايات حقيقية عن المرأة المقهورة تكشف واقع هذا المجتمع الذكوري! فهي تأتي بضيوفها من النساء عادة ليتحدثن بجرأة شديدة حول ما وقعن فيه من كوارث ومشكلات سببها الرجال!
وقد أدت »مني« دورها بأسلوب جديد ولافت.. واضح انها اصبحت أكثر نضجا.. وانها تعمدت ألا تكون مجرد »مذيعة« بل تبدو النجمة الفضائية المهتمة بقضايا المرأة وبالسلبيات التي تعاني منها النساء في المجتمع.
كانت جديدة شكلا واداء.. مليئة بالقدرة علي التعبير وهي تنقل قصص بطلاتها بحضورهن علي الهواء.. فتتفاعل مع كلمات الحوار.. وتعكس بردود افعالها كل ما ترويه الضيفات!
> ان المذيعة »هبة يونس« لها حياتها الخاصة ايضا فهي تعيش مع زوجها الصحفي »كريم« »الوجه الجديد »حسن الرداد« وهو يباشر عمله بثقة ونشاط ويحقق نجاحا وراء نجاح ويطمح في ان يكون يوما رئيسا للتحرير.. خاصة بعد ان وعده بذلك احد المسئولين اذا استطاع ان يقنع زوجته الا »تقلق« ببرنامجها هذا الحكومة اذ تقوم بتحويل كل قضية فردية الي مشكلة سياسية!.. ورغم ان الزوجة لاتقل طموحا عن زوجها.. إلا أنها تحاول ان تخفف من حجم المشكلات التي تقدمها إلا أنها كي ترضيه تحاول أن تقدمها علي شكل سهرات ناعمة تستضيف فيها ضيفة تتحدث بهدوء عن مواقفها مع زوجها او مع زميل لها.. ومع ذلك فان الحديث ينتهي في نهاية الامر الي مشكلة تقلق الحكومة! ويحاول الزوج ان يضغط علي زوجته باستخدام سلاح »الذكورة« لكن الزوجة الحائرة بين طموحها وارضاء الزوج تنتصر في النهاية لتحقيق طموحاتها!. وقد أدت »مني زكي« هذه المرحلة بالتعبير عن التوتر والقلق الصادق.. بينما يتمتع الوجه الجديد »حسن الرذاذ« بحضور واضح وقدرة علي التعبير الخالي من المبالغة.
> وتستمر وقائع حكايات شهرزاد القرن الواحد والعشرين.. فتقدم شخصية »اماني« التي تلعبها »الاستاذة« سوسن بدر والذي يشاهد الآن دوريها في »الفرح« و»احكي يا شهر زاد« وكلاهما معروض بدور العرض.. لابد يتحمس لوضع لقب »الاستاذة« قبل اسم سوسن بدر!.. انها تقوم بدور غاية في الصعوبة.. فهي المرأة التي كانت تفرض شروطها وهي فتاة في بداية عمرها فيهرب منها الشباب.. الي ان وصلت للسن الذي يفرض فيه العريس شروطه.. ويلعب هنا حسين الامام دورا لايستطيع ان يلعبه غيره واحيي المخرج لاختياره.. انه يقول لاماني: احنا نبيع عربيتك وعربيتي ونشتري عربية واحدة.. واخد مرتبك احطه علي مرتبي ونصرف منه.. واسكن معاكي في شقتك وتسأله وما المقابل فيجيب اتجوزك.. وطبعا ترفضه.. وينتهي بها الأمر بباروكة شعرها ابيض وعيناها تبرقان كالمجانين وقد أصبحت عانسا وتعيش في دار المسنين!
> وفي حكاية أخري رائعة قي فيلم احكي يا شهرزاد ابطالها الاربعة وجوه جديدة ثلاث فتيات سيقتحمن السينما بسرعة وفي مقدمتهن الكبري صفاء »رحاب الجمل« ووفاء »نسرين أمين« وهناء »ناهد السباعي« ثم الشاب سعيد الخفيف »محمد رمضان«.. الاخوات الثلاث مات والدهن صاحب محل طلاء للجدران وتركهن فريسة للعم الذي كان ينفق ايراد المحل علي المزاج والمخدر.. إلي أن نجحن بمساعدة صبي المحل سعيد الخفيف في طرده.. ويخضع الفتي لخدمتهن ويحظي منهن علي طمأنينة كاملة.. بينما تسعي الفتيات الثلاث كل علي حدة إلي الاهتمام به وملاطفته.. ونعرف نحن الجمهور علاقته الجنسية بهن بينما تتصور كل منهن انها الوحيدة لديه!.. ويذكرنا ذلك بقصة يوسف ادريس القصيرة الشهيرة »بيت من لحم« وبطلها ضرير عاش في بيت الاخوات الثلاث وتزوج احداهن.. وكان قبل ان يضاجع زوجته يتحسس اصابعها ويطمئن اولا لوجود دبلة الزواج.. ومع الوقت عندما احست الزوجة بحالة الكبت التي تعاني منها أختيها.. كانت تخلع الدبلة وتضعها في اصبع احداهما وتدفعها إلي فراش زوجها!! لكن الأمر يتكشف في هذا السيناريو عندما تصارح احداهن شقيقتيها بانها ستتزوج »الخفيف« فتشتعل النار في قلب البنات الثلاث عندما يعرفن الحقيقة ويتخذن قرارا تسافر فيه فتاتان منهن وتبقي الكبري لتنجح في ذبحه وحرقه في نفس الفراش الذي شهد سعادتها به! وانه احد اهم مشاهد الفيلم ادته بقدرات عالية رحاب الجمل.. ولمعت الاختان ومحمد رمضان.. ونصيحتي له ان يبتعد عن تقليد أحمد زكي حتي لايظل هو »الصورة« بينما الناس تشاهد الاصل كل يوم في افلامه علي الفضائيات!
> يظهر محمود حميدة في الثلث الاخير من فيلم احكي يا شهرزاد عندما تحكي قصتها معه صاحبة الوجه الجديد ايضا ناهد »سناء عكرود« وتؤدي دور طبيبة اسنان.. انها ضيفة مقدمة البرنامج »مني زكي« وتحكي عن هذا النصاب الذي يحمل الدكتوراه في الاقتصاد من احدي الجامعات الأمريكية الذي أوقعها في براثنه وطلبت الطلاق منه واتهمها بالخيانة وطلب منها ثلاثة ملايين جنيه.
ويتم اختياره وزيرا فتقوم طبيبة الاسنان برفع شعار ضد الحكومة في الشوارع.. وعندما تحكي ذلك كله في البرنامج تتصور المذيعة ان برنامجها قد حقق نصرا تليفزيونيا رائعا.. وبالمناسبة سناء عكرود ممثلة ومخرجة مغربية وتتميز بتلقائية شديدة ولهجتها مصرية مائة بالمائة!
> بعد هذا النصر التليفزيوني تعود المذيعة إلي بيتها في منتهي السعادة لتلتقي زوجها الذي كان عرض هذه الحلقة هو السبب في مهاجمته من المسئولين.. والقضاء تماما علي فكرة حصوله علي مقعد رئيس التحرير.. وهكذا ينهال عليها ضربا وصفعا وركلا بعد ان ألقاها ارضا وقد تأكدت ان اغلب هذه المشاهد حقيقية تحملتها مني زكي من اجل الاداء الصادق!
ومع ذلك ليست هذه نهاية الفيلم فإن أكبر مفاجأة هي المشاهد القليلة القادمة التي اتركها لمن يفضل ان يري بنفسه المفاجأة الدرامية الكبري!
> تحية لكاميرا سمير بهزان ومونتاج مني ربيع اللذين ساعدا المخرج كثيرا لكن من المؤكد ان الفيلم يعتمد اعتمادا اساسيا علي سيناريو محكم وجذاب ورائع لـ»وحيد حامد« ومخرج هو بالقطع مايسترو ناجح استطاع ان يقود »كبشة« من الوجوه الجديدة: حسن الرداد ومحمد رمضان ورحاب الجمل ونسرين امين وناهد السباعي ابنة المنتجة ناهد فريد شوقي والمخرج السيناريست الكاتب الصحفي مدحت السباعي ثم سناء عجرود ليمثل الجميع بمقدرة واضحة امام مني زكي ومحمود حميدة وسوسن بدر!
بعيداً عن مستوى الفيلم المتميز بلاشك إيجاباً على الأقل من الناحية السينمائية البحتة..أود أن أتساءل -وربما بدا التساؤل مكرراً أورجعياً!!من وجهة نظر مدعيي العصرية والتمدن الكاذب والذين يصفهم( أولاد البلد) عندنا ب……!!(لامؤاخذة يعني)- أقول أنني أتساءل- وأنا المثقف القارىء المحب للفن والحمد لله -:أين حمرة الخجل؟! وهذا التساؤل موجه إلى (العصريين /المتفرنجين /الداعين إلى تحرر المرأة حتى من ملابسها /اللاتي لايخجلن من أجسادهن الجميلة ويعتبرن أن كشفها أمام المحرومين ثواب وعمل خير طالما أن الدراما تتطلب هذا و)ولابد بالطبع أن تواكب ممثلاتنا العصر والسينما الهوليودية وألا يخجلن من أجسادهن الناضجة وأن يوظفنها في خدمة الدراما بكل أمانة وع المكشوف مثلما تفعل ممثلات هوليوود ..* ترى هل لو كانت (الحاجة هدى سلطان) لازالت على قيد الحياة هل كانت ستوافق ابنتها الكبرى السيدة ناهد فريد شوقي وزوجها مدحت السباعي على دور ابنتيهما في هذا الفيلم؟ الله يرحمك ياحاجة.وأسأل النجم الكوميدي المتألق الذي صرح من قبل بشجاعة ورجولة الرجال الحمشة المجدع بأنه لايغار على زوجته النجمة المتألقة من المشاهد الساخنة لأنها محترفة …وغيره وغيره وغيره …بالمناسبة أعترف هنا بأني من عشاق السينما وأهوى كتابة التترات منذ طفولتي وحتى الآن وأحفظ معظم أسماء الأفلام المصرية بمخرجيها … ولكني مقتنع تماماً بأن مهنة التمثيل -التي أحبها ومهتم جداً بها-تفتح باب الشيطان على مصراعيه إلا من رحم ربنا وتنطوي على الكثير من التنازلات الأخلاقية و(أنا عارف وأنت عارف ومافيش داعي نضحك على بعض).(ورغم هذا أرفض مصطلح السينما النظيفة الخالية من القبلات والذي منه ..لا لشيء معيب لاسمح الله ولكن لأن هذا سيصبح شيئاً غير واقعي وليس له طعم). (أؤكد: لاتناقض في كلامي مطلقاً وإن بدا هكذا لغير المدققين وغير المتعمقين) وأذكر الإخوة( إياهم) بالحديث الشريف القائل (لا يدخل الجنة ديوث. قالوا: ومن الديوث يا رسول الله؟ قال: الذي لا يغار على محارمه ) [رواه أحمد]..وربنا يهدينا جمعااااء.