مصريات – كتب مصطفى سامي:
الإعدام..!
ضربت المحاكم المصرية الرقم القياسي العالمي في شهر يونيو الماضي في عدد أحكام الإعدام, وبذلك نحتل الآن الصدارة بين دول العالم في حوادث الطرق والتلوث وإعدام المجرمين! في شهر يونيو الماضي أصدر قضاتنا68 حكما بالإعدام.
ومع الاعتراف بأن الإعدام هنا هو قتل نفس بالحق, لكنه أيضا إزهاق روح, ومؤشر علي أن المجتمع المصري المعروف بالهدوء والتسامح يتجه الآن في طريق نوعيات جديدة من الجرائم يطغي عليها العنف, الظاهرة التي تدعو للدراسة هي أن المجرمين المحكوم عليهم بالإعدام ليسوا من محترفي الجريمة أو أصحاب السوابق, لكنهم من شرائح وفئات مختلفة لا رابط بينها, فمنهم مهندس الكمبيوتر قاتل زوجته وابنته والشاب العاطل الذي اقتحم منزلا لسرقته ـ لأول مرة ـ بحثا عن المال, ومنهم المليونير ـ واحد من الخمسة الأكثر ثراء في مصر ـ الذي أعطاه الله كل شيء.
هل الإعدام هو الحل؟!
معظم الدراسات الاجتماعية والنفسية وآراء خبراء القانون والجريمة أكدت أن الإعدام لم يخفض أعداد الجرائم في الولايات المتحدة, وقد ألغت نصف الولايات الأمريكية هذه العقوبة وسبقتها في هذا الإلغاء دول أوروبا.
وأذكر أن المستشار الدكتور كامل أحمد ثابت رئيس محكمة جنايات الإسكندرية في أوائل الستينيات, اعترف في حديث لإحدي المجلات بأنه طوال عمله مستشارا ورئيسا لمحاكم الجنايات لأكثر من عشر سنوات, لم يحكم بالإعدام سوي مرة واحدة في قضية سفاح كرموز سعد اسكندر عبدالمسيح, الذي قتل سبع نساء, وقد ظل ساهرا لم ير النوم حتي الصباح ليلة صدور الحكم يعيد قراءة ملف القضية عدة مرات ليبحث عن ثغرة يستبدل من خلالها حكم الإعدام الي الأشغال الشاقة المؤبدة, لكن اعترافات المتهم التفصيلية بالقتل أمام النيابة وفي المحكمة أغلقت أمامه كل المنافذ للهروب من هذا الحكم القاسي.
لماذا لا نعيد النظر في مصر في هذه العقوبة؟
لقد تضاعفت أحكام الإعدام في بلادنا, لكن جرائم العنف تضاعفت أكثر!