الدروس الخصوصية بداية فساد جامعي
الأساتذة: المنتج التعليمي الهش.. وراء انتشارها
مصريات
إيمان زين العابدين
ظاهرة الدروس الخصوصية بين طلاب الجامعة أصبحت فيروسا لا يمكن وقفه.
أجمع أساتذة الجامعات أنها مؤشر للفساد الجامعي ومعوق لعرقلة التنمية وخاصة أن الطلاب هم القاطرة البشرية.
أكدوا انها امتداد من المرحلة السابقة لدخول الجامعة وانخفاض مستوي دخول الهيئة المعاونة لأعضاء التدريس مما يضطرهم لأعطاء الدروس أملا في مواجهة ظروف الحياة الصعبة وعدم الاهتمام بالشرح داخل المحاضرات وعمل بعض الطلاب أثناء الدراسة.
قدموا مقترحات للعلاج أهمها الحرمان من التدريس لمن يثبت عليه إعطاء دروس خصوصية ورفع مستوي الأجور للهيئة المعاونة وأعضاء هيئة التدريس والتوعية عن طريق الإعلام بمدي خطورة الدروس الخصوصية على المنتج التعليمي وتدني مستواه العلمي.
قال د.محمد زيدان أستاذ المحاسبة بتجارة المنوفية: إن انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية في الجامعات ليست وليدة اليوم ولكنها ظهرت في السبعينيات في كليات الطب والتجارة والهندسة وكانت تتراوح نسبتها من 15 الى 20% من إجمالي عدد الطلاب في هذه الكليات.
أوضح انه منذ التسعينيات وحتى الآن انتشرت ظاهرة الدروس في جميع الكليات وكان انتشارها لعدة أسباب هي انتشار الدروس الخصوصية في مرحلة التعليم قبل الجامعي وبالتالي فهي في الجامعة امتداد للمرحلة السابقة إضافة لعدم حضور الطلاب للمحاضرات وقاعات البحث بشكل منتظم وارتفاع دخول الأسر وانخفاض مستوي دخول الهيئة المعاونة “معيدين ومدرسين مساعدين” لأعضاء هيئة التدريس وتقسيم السنة الدراسية الى فترتين قصيرتين يتخللهما اجازات متعددة مما يجعل الطلاب عاجزين عن ملاحقة المادة العلمية ولجوء بعض الطلاب الى العمل أثناء الدراسة وهو ما يجعلهم يقصرون والبديل استقطاع جزء من دخولهم للدروس الخصوصية وتغير نمط الحياة الاجتماعية وشكل الثقافة المتبعة داخل المجتمع.
أكد أنه لمحاولة العلاج لابد من متابعة الطلاب في قاعات البحث وتفعيل اللوائح الجامعية الخاصة بالطلاب وأعضاء هيئة التدريس ورفع مستوي الأجور بالنسبة للهيئة المعاونة لأعضاء هيئة التدريس لمواجهة متطلبات الحياة وحرمان المعيد أو المدرس المساعد من التدريس في حالة عدم حصوله على الدرجة العلمية في الفترة التي ينص عليها القانون مع عمل توعية للطلاب بالابتعاد عن هذه الدروس والالتزام بمواعيد المحاضرات وخاصة أن من أهم مساويء هذه الدروس تدني مستوي الخريج.
أشار الى انه لا يوجد علاقة بين المدرسين الخصوصيين لطلاب الجامعة والاساتذة وان وجدت فلابد من إحالة الأساتذة الى التحقيق فورا مع وضع عقوبات لمراكز الدروس الخصوصية من قبل الدولة.
أكد د.سمير عبدالفتاح أستاذ علم النفس التربوي أن السبب في انتشار الدروس الخصوصية داخل الجامعات هو الاعتقاد بان النجاح والحصول على تقدير مرتفع يستلزم التقوية والحصول على الدروس الخصوصية مشيرا الى أن هذه الدروس بداية للفساد الذي يسيء الى هيئة أعضاء التدريس وينخفض خلالها مستوي الخريج وخاصة أن الهيئة المعاونة هي التي أوجدتها وأن الحل الوحيد هو فصل المعيد أو المدرس المساعد الذي يثبت عليه اعطاء هذه الدروس.
بخصوص العلاقة بين هؤلاء المدرسين وأساتذة الجامعة قال إنها علاقة لا يمكن اثباتها لانها غير مباشرة ولكن إذا ثبت وجود علاقة فلابد من ايقاف المدرس والاستاذ الجامعي عن التدريس وهو رادع لا بأس به في جعل الأساتذة يهتمون بالعملية التعليمية.
اعتبر د.على الشخيبي رئيس قسم أصول التربية بجامعة عين شمس أن انتشار الدروس الخصوصية آفة من الآفات التي أثرت بشكل سلبي على التعليم وأنها كانت موجودة ولكنها مقتصرة فقط على الطلاب المتأخرين دراسيا أو الضعاف ولكنها استشرت في الفترة الأخيرة وانتشرت في الكليات العملية كالطب والصيدلة والهندسة وبين المتفوقين دراسيا أيضا وأسبابها امتدادها من التعليم قبل الجامعي لأن الطالب عندما يدخل الجامعة يرسب في السنة الأولى إذا لم يأخذ هذه الدروس إضافة الى خوف الآباء على ابنائهم إذا لم يحصلوا على مجاميع مرتفعة أو تقديرات عالية واستغلال بعض المعيدين والمدرسين المساعدين لثقة أعضاء هيئة التدريس والضغط على الطلاب لأخذ هذه الدروس لتحسين مستواهم المادي.
اقترح عدة حلول لعلاج هذه المشكلة تتمثل في زيادة أعداد الكليات العملية والتي تنتشر بها أعلى نسبة في الدروس وتوفير المعدات والأجهزة التي تساعد الطلاب في الحصول على تعليم جيد لاعداد معيدين وأعضاء تدريس مؤهلين علميا ونفسيا لمواجهة التحديات ويعرفون قيمة العمل بجانب رفع المستوي المادي لأعضاء هيئة التدريس مع عدم التصريح بفتح مراكز هذه الدروس مشيرا الى تجربة جامعة عين شمس في فصل أي معيد أو مدرس مساعد لم يحصل على الماجستير أو الدكتوراة خلال 5 سنوات.
أرجعت د.أهداب المرشدي أستاذة الهندسة انتشار الدروس الخصوصية الى التعود عليها قبل دخول الجامعة أو الى اعتقاد الطلاب وخاصة في الهندسة بصعوبة الكلية مما يجعله يلجأ الى الدروس الخصوصية وتعقيد بعض المعيدين والمدرسين المساعدين للمواد لتحسين مرتباتهم.
تقترح لمعالجة الظاهرة ان يحضر الطلاب محاضراتهم وأن يقوم أساتذة المادة بعمل مذكرات تليق بمستوي طالب الجامعة للمراجعة أو سيديهات يستفيد منها.
أشارت الدكتورة إنشاد عزالدين أستاذ علم الاجتماع السبب في انتشار الدروس الخصوصية الى رغبة شريحة كبيرة من الطلاب للحصول على أكبر مردود بأقل مجهود والطريق الاسهل هو الحصول على درس خصوصي إضافة الى أنها اصبحت من ثقافة المجتمع فالطبيب يريد ابنه نسخة مكررة لتوريث دوره دون أي اعتبار لرغبات الطلاب ومراعاة الفروق الفردية والظروف المجتمعية وتفاوت معدلات الذكاء إضافة الى أن قيمة العلم وطلب المعرفة واكتساب المعلومات قلت في ظل منظومة التعليم التلقيني أو التيك واي.
قالت أنه حتى يستطيع التغلب على هذه الظاهرة لابد من الاهتمام بالتعليم الأساسي ورياض الأطفال لانه في هذه المرحلة يتم تشكيل وجدان الطفل واكتسابه للقدوة وجعل متخصصين على أعلى مستوي يقومون بغرس هذه القيم والمثل في نفوس الأطفال وعودة ضمير بعض المعيدين والمدرسين في التصرف بدرجات أعمال السنة وخاصة أن اعتقاد الطلاب يرجع الى أن الدروس لديهم ضمان للحصول على درجات عالية وتقديرات مرتفعة مع حضور الطلاب للمحاضرات والمواظبة عليها والموضوعية والحيادية في التعامل مع الطلاب وغلق الأبواب الخلفية للحصول على الدرجات.