من الفضائيات و الدعاة الجدد إلى النصاب و العلماني و الموبايل الصيني والنت
المتدينون في مصر انواع وعبر
كتب – محمد فتحي
لا يمكن أن تنكر أن معرفة الله عز وجل هي بداية التدين ، كما لا يمكنك أن تتناسى – رغم أي شئ – أننا شعب يعرف ربنا .
نعرفه جيداَ مهما نسينا حقوقه علينا ، ونتعامل دائما معه باعتباره الغفور الرحيم فيما يخصنا ، والجبار المنتقم فيما يخص كل من ظلمنا.
لكن هل المصريون متدينون فعلاً ؟
قد يبدو السؤال غير منطقي بالمرة مع مظاهر التدين الهائلة التي استوطنت الشعب المصري ، وزاد عددها خلال العقد الاخير ، لا سيما بعد ظهور من يسمون بالدعاة الجدد ، والذين جعلوا من الدين الصعب المتجهم الذي كان يرهق الكثيرين ، خاصة بعد وفاة الشيخ الشعراوي واحتلال التيار السلفي عقول البسطاء ، دين سهل يدعو للترغيب لا للترهيب ويحبب الناس في دنياهم بدلاً من أن يكرههم فيها وفي الآخرة التي سيدخلون فيها النار .
دين ديلفري يصل للمنازل بالأشرطة والسيديهات ، ثم بالانتشار الرهيب في القنوات الفضائية .
لكن لو جئت للحق فمظاهر التدين عند المصريين قديمة فعلا وتبرز في عاداتهم في المناسبات المختلفة التي تدور في فلك حياتهم اليومية ، مظاهر التدين في مصر تنتشر بدءاً من ” سمي ع الواد ” التي يأمرونك بها حين تلتقط طفلاً رضيعاً ، وصولاً للحرامي الذي يدعوا الله ” يارب قوينا ” قبل أن يقوم بعملية سرقة جديدة ، ليصبح الدين عند الكثيرين حجاباً حاجزاً عن المخاطر والأهوال التي نحياها في هذا الزمن الغريب ، وتجد العديد من نماذج المتدينين ، ولكل منهم دينه الخاص به ، وكأنه يطبق الآية الكريمة ” لكم دينكم ولي دين ” تستطيع مثلاُ أن تتكعبل يومياً في نماذج المتدينين القادمة ، وقد تكون أنت شخصياً واحداً منهم.
* متدين الجلابية والدقن
على طريقة محمد نجم .. أنا أركب دقن وألبس جلابية وخلاص أبقى متدين ، لا سيما لو أنني أصلي في المسجد ويحرص الناس على وقوفي إماما لهم ” رغم صوتي السيئ ” باعتباري ” عم الشيخ ” بالطبع لا نقصد التعميم بهذا الطرح ، لكن نموذج الجلابية والدقن أعطى قدسية ومهابة لناس تدينهم تدين شكلي في الأساس ، واعتبرهم العامة شيوخاً لأنهم ” سنية ” أي يلتزمون بسنة النبي عليه الصلاة والسلام هذا النموذج من المتدينين متأثر بشيوخ السلفية ، ويرجع تاريجه لفترة المد الديني للجماعات الاسلامية في مصر والتي كانت أبرز نتائجها اغتيال السادات ،واختفت لفترة ثم عادت على صورة إرهاب يحرق محلات الفيديو ويحرم عمل المرأة ويفرض عليها النقاب ، ويرى أن اللحية فرض والجلباب من هدى النبي.
* متدين القنوات الفضائية
يكتسب مظاهر تدينه من متابعته القنوات الفضائية الدينية التي صارت تنافس قنوات الكليبات الخليعة في الفترة الاخيرة ، تدين هذا النوع ” سماعي ” وهو مندمج وسط الناس باعتباره واعظا لهم في الاساس ومطلعاً على البرامج الدينية ، ودائما ما ينسى الأحاديث النبوية ويرويها على لسان الشيخ فلان والشيخ علان.
* متدينون الدعاة الجدد
يحلو لي أحياناً أسميه بالمتدين الروش وهو متدين يتابع الدعاة الجدد مثل عمرو خالد و مصطفى حسني ويرى الحياة لذيذة ولا يرى مانعاً في الاستمتاع بها طالما ليس في الحرام ، ولذلك فهو يرتدي الكاجوال والجينز ويشاهد السينما النظيفة ويشجع الكورة دون تعصب وقد يحب ويرتبط قبل الزواج بشرط ألا يفعل حراماً وبشرط آخر أن يكون ناوياً فعلا على الزواج ممن يحبها وارتبط بها ، هذا النموذج منتشر جداً بين الشباب ويتردد على مساجد بعينها ويرد على التليفون بـ ” السلام عليكم ” ويشكر الله بـ ” جزاك الله خيراً ” .. ويقدم المشيئة في كل شئ بكلمته الشهيرة ” الله المستعان”.
* متدينون عند اللزوم
تلك الفئة مشغولة بكل ملذات الدنيا لكنها تتذكر الدين – والذي يعد نموذج الخلاص لها – عند اللزوم ، انظر مثلا للشاب العابث الماجن قبل الامتحانات وحين تصيبه وعكة صحية أو مرض عضال ، شخصياً أعرف ملحدين وعلمانيين – ما إن تقابلهم مصيبة حتى يقولوا ” استر يارب ” كما أن هذه الفئة يدخل فيها نماذج لا تتذكر الله والدين إلا عند العملية الجراحية الخطيرة أو في المصائب وفي الغالب هو مشغول بالدنيا أو المال.
* المتدين النصاب
لا عجب أن يبدأ معظم المتسولين كلامهم بالدعاء والكلام بأحاديث و آيات من القرآن الكريم ، لأنهم يبدون حينئذ في صورة المتدين الذي أجبرته الحياة الصعبة على الانكسار والتذلل إلى الناس ، وهي الوسيلة نفسها التي يتبعها النصاب في استنزاف أموال الناس في مشروعات وهمية مثل الشقق و الأراضي و توظيف الاموال ، ستجد المتدين النصاب في التاكسي الجديد يشغل الكاسيت على درس ديني ثم ينحتك في ضعف العداد ، وستجده بين الوزراء والمسئولين حين تقع صخرة الدويقة على الناس أو تخرب حياتهم بسبب الفساد فيخرج على الناس في التليفزيونات ليقول لك إن الناس يجب أن ترضى بقضاء الله وقدره .. فعلاً نصاب .
* المتدين العلماني
نموذج غريب من المتدينين في مصر يبدو تدينه متأرجحاً بين الفهم المتعلق بطبيعة الدين ، وبين ميله هو شخصياً للعلمانية وعدم تناول الحياة على بعضها بوجهة نظر دينية ، وهو نموذج غريب جداً من المتدينين انتشر خصوصاً في أوساط المثقفين ، .. يعني تجده مثلاً يحدثك عن الدين باستفاضة وينظر بمنتهى الحماس وهو لا يصلي ولا يصوم ، ويقول لك أن الحجاب ليس فرضاً وأن الحجاب حجاب القلب بينما من تتحجب تحجب عقلها معها.
* متدين الموبايل الصيني
نوع جديد من المتدينين الذين تمت إعادة اكتشافهم وتقبيلهم قبلة الحياة بعد دخول الموبايل الصيني إلى مصر ، تجده في المواصلات العامة وخصوصاً مترو الأنفاق يصعد ليقوم بتشغيل الموبايل بأعلى صوت على القرآن الكريم – ولو راجل اتكلم وقل له وطي شوية – غير عابئ بحرية الناس الشخصية ، وقد يشغل دروساً للشيخ محمد حسان أو للشيخ محمد حسين يعقوب وقد تجده يرسل هذه الدروس على البلوتوث لكل من تسول له نفسه فتح بلوتوثه في المترو بمبدأ ” خلي الناس تسمع حاجة تنفعها ” وبنظريته التي استمدها من حديث النبي عليه الصلاة والسلام ” الدال على الخير كفاعله ” غالبا يتشاجر مع الركاب الذين يطلبون منه خفض الصوت لأنه يراهم ” غاويين مسخرة ” ويعيش في عقدة المضطهد أنه يظن دائما أن الناس نفسها لن يجرؤوا على طلب خفض الصوت لو كان أغنية لتامر حسني.
* المتدين الداعية
وهو متدين متطفل بطبعه مبادر بالفطرة ظناً منه أنه يخدم الدين تجده – فجأة وبدون سابق معرفة – يسألك : صليت الضهر النهاردة ؟ أو يفتح معك الكلام في المترو وهو يأخذ منك الجريدة التي تقرأها ويسألك : ” يا ترى بتقرأ في المصحف زي ما بتقرأ في الجرنان ” ، ويخبرك بحقائق لا تعلم لماذا يظن أنك لا تعلمها : ” انت مش عارف إن بكل حرف في المصحف بتقرأه بتاخد حسنات ” ، وهو ينصحك بذلك لأنه يريد لك الخير ولأنك ” أخوه في الله.
* متدين النت
نوع آخر من المتدينين الذي برز فجأة بسبب التطور التكنولوجي الرهيب ، هو غالباً موجود لكن لا يتكلم في الدين وفي الوقت نفسه يجد فرصته الحقيقية حين يرد إليه إيميل ذو محتوى ديني ليرسله بدوره إلى طوب الارض مهدداً كل من لا يرسله إلى أصدقائه وأقاربه من الدرجة العاشرة بالويل والثبور وعظائم الأمور.
لكن نعود إلى طرح السؤال نفسه
هل المصريون متدينون فعلاً ؟
الإجابة سأدعها لك بعد أن أذكرك بأن الاسلام أفعال لا أقوال وأنه دين عملي وليس دينا نظرياً وأنه يحترم البشر ولا يفرق بينهم إلا بالتقوى وأن من لا تنهاه صلاته عن المنكر فلا صلاة له.
مقال جدا رائع وفعلا زي مانت بتقول بالظبط هو دا الواقع فعلا بحذافيره….
واقع مؤلم ان بعض هؤلاء أظهروا الدين على شكل سلبي عشان تكون متدين لازم تجد نفسك ملتفا حول كام شيخ على انك بتحبه وتحب تسمعه بس ونقطة ونقفل الكتاب على كده لكن نعمل حاجة بدينا تساهم بشكل فعلي في حل مشاكل البلد ومشاكلنا؟!! لا!! نعمل حاجة تساهم في تقدم البلد دي ورفعتها وبالتالي نظهر بدينا اننا في الاعالي بتقدمنا ده؟!!! طبعا لا!!!…. ليه لانه طبعا دي مشكلة الحكومة مش مشكلتنا العبارة اللي بنلحق نفسنا بيها في الكلام وعشان ضميرنا برضو مايوجعناش أوى. ولا حول ولا قوة الا بالله
بارك الله فى قناة الرحمة أو نسائم الرحمة وجعلها سببا فى هدايتنا وبارك الله فى الشيخ محمد حسان أطال الله عمره وأدام عليه الصحه والعافية