مع الاحتفال بالمولد النبوي في الذكرى ال 1400 لبعثة الحبيب المصطفي
مصريات
فريد ابراهيم محمد زين العابدين
أحمد جمعة عمر عبدالجواد
في مثل هذا الشهر منذ 1400 عام ميلادية بالتمام والكمال نزلت كلمة السماء الى الأرض لتعلن بداية لفجر جديد ونهاية لظلمات عاشت فيها البشرية سنوات طويلة بعد مرور 610 سنوات على آخر الرسل والأنبياء قبل النبي الخاتم..اذن فقد مر على مبعث رسول الله الخاتم محمد بن عبدالله 1400 سنة كاملة بحساب النظام الميلادي وعلى المسلمين ان يقفوا مع أنفسهم وقفات طويلة ليحاسبوا أنفسهم قبل أن يحاسبوا عن مسئوليتهم نحو الدعوة التي حملنا رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه مهمة تبليغها للكون كله عندما قال في خطبة حجة الوداع فليبلغ الشاهد الغائب “وحين قال في مناسبة أخري بلغوا عني ولو آية” وحين قال نضر الله وجه امريء سمع مقالتي فوعاها فبلغها لمن لم يسمعها..فهل بلغنا الرسالة وإذا كنا قد بلغنا فلماذا هذا الجهل بحقيقة الإسلام لدي أعداد ضخمة من أبناء هذا الكون..ولماذا هذا العداء الذي نجده من كثيرين لم يسمعوا عن الإسلام إلا من أعدائه..هل نحن مسئولون عن العداء الحادث من البعض للإسلام أم اننا ضحايا..؟
تحرير العلاقة بين الخالق والمخلوق من الوسطاء
خصت د.خديجة النبراوي الباحثة في مجال الفكر الاقتصادي الإسلامي تلك الذكري بمؤلف خاص عن صاحبها وعنوانه الرحمة المهداة كما لا يعرفه الآخرون واشارت في حديثنا معها الي انها تأدبت بأدب السنة النبوية المطهرة حيث ساهمت الاحاديث التي درستها عندما سيطر عليها التوجه الإسلامي في تشكيل مباديء التفكير العلمي المتميز الذي خدمها طوال حياتها وكانت شخصية النبي صلي الله عليه وسلم بمثابة التيار الذي جذبها بقوة من خلال شخصيته المتوازنة التي تحتوي كافة المجتمعات باختلاف مناهجها ومذاهبها ولا تتنافر معها فلم يدع الرسول لاعتزال العالم والرهبنة بل كان محور دعوته التفاعل مع الكائنات وجعل ذلك طاعة لله فتفوق في تعمير الأرض وخدمة الإنسانية وربط التعامل بين الناس بحدود الاحترام للذات وعدم الاعتداء على حقوق الغير من منطق الرحمة المتبادلة وأقر بانتهاء عصر العفو والمغفرة غير المتناهية بما لا يتسق وطبيعة البشر والميل للقصاص وإن كان قد سمح للقادرين على هذه الفضيلة بالقيام بها.
اضافت انها كانت تتجه في دراستها للاقتصاد الحديث ومذاهبه الاشتراكية والرأسمالية وعلى سبيل الهامش وفي هامش هذه الدراسة المذهب الإسلامي ولفت انتباهها خاصة اجابة أحد الاعراب عن سبب ايمانه برسول الله صلي الله عليه وسلم قائلاً: “ما أمر بشيء وقال العقل ليته ما أمر. وما نهي عن شيء وقال العقل ليته مانهي” وبذلك أخذت على عاتقها البحث والتقصي حول سيرة ذلك النبي بعيدا عن الأفكار البشرية الوضعية التي تعتمد على الميكافيلية النفعية بتقديم المصلحة الشخصية فوق كافة الاعتبارات ونتج عنها حربان عالميتان تسببتا في تدمير العالم ولا يزال ذلك المبدأ مسيطراً حتى الآن ولهذا كان هناك سر يشبه التيار النوراني الذي يجذب من يقترب منه للدخول الي مدرسة ذلك النبي المصطفي السياسي الاقتصادي المجاهد الفاتح الانسان ولا يتخرج فيها سوي اصحاب العقول السليمة والقلوب المستقيمة.
أشارت د.خديجة الي ان الباحث في شخصية الرسول صلي الله عليه وسلم ليبهره ذلك الميراث الروحي والعقلي الذي يضيء للإنسانية طريق الأمل والاصلاح بما يسهم في تفجير الثورة الروحية التي انتشرت في العالم وحققت اتصال القوي الإنسانية بحقيقة الكون العليا مما اسهم في تكوين أكبر امبراطورية خلال قرن من الزمان سبقت الامبراطورية الرومانية التي تقل في اتساعها عن امبراطورية الاسلام ولم تتكون الا خلال قرنين من الزمان وهذا يدعونا للحديث عن الفائدة التي عادت على البشرية من وراء بعثة الرسول صلي الله عليه وسلم فقد أري الحبيب محمد مباديء الحرية التي لا حدود لها بحيث لا يوجد رقيب على الانسان سوي نفسه فقد تحررت نفس البشرية من الوسطاء في العلاقة بينها وبين خالقها وكان جوهر الرسالة المحمدية: “واذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان” وكانت تلك الحرية متشعبة في مجالات العقيدة للمسلم وغير المسلم: “لا إكراه في الدين” وحرية في الرأي وعلم الانسانية الحب والنزاهة والمغفرة والرحمة والصدق وأداء الأمانة وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء والبعد عن الفواحش وقول الزور والرحمة بالضعفاء والفقراء والأيتام والثبات على المبدأ وبذلك كانت بعثة المصطفي ثورة اجتماعية واخلاقية واقتصادية وسياسية بتهذيب النفس الانسانية بما يخدم المصالح المشتركة ويحقق صالح المجموع.
أوضحت د.خديجة انها تدين بالفضل في حياتها ونجاح مسيرتها الأسرية والفكرية الي ما تعلمته على يد رسول الله صلي الله عليه وسلم وخاصة في التربية والتعامل الزوجي وحقوق الأهل والجيران ومدي اهمية المرأة ودورها في المجتمع والتمسك بحقها في اطار من الاحترام والرعاية لبيتها وزوجها وانها استطاعت بحب الرسول صلي الله عليه وسلم الانطلاق نحو العالمية بمؤلفات تعكس الفكر المحمدي في مجالات السياسة والاقتصاد والاجتماع.
الدين الخاتم جاء متمماً لرسالة السماء والأنبياء بشروا بمحمد
يقول فضيلة الإمام الأكبر الدكتور محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر ان من الحقائق التي اتفق عليها اصحاب العقائد السليمة والعقول القويمة ان الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام قد جاءوا من عند الله برسالة واحدة في جوهرها واصولها الا وهي الدعوة الي اخلاص العبادة والطاعة لله الواحد القهار ووجوب التحلي بمكارم الاخلاق.
ومن الأدلة على ذلك اننا نقرأ القرآن الكريم فنري ان الكلمة الأولي التي وجهها كل نبي لقومه هي دعوتهم الي عبادة الله وحده ونبذ كل معبود سواه. وأمرت شريعة الإسلام بالإيمان بالرسل جميعاً.
قال تعالي: “آمن الرسول بما انزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله”.
ويشير الإمام الأكبر الي ان شريعة الإسلام نهت نهياً قاطعاً عن التفرقة بين الأنبياء في الايمان والمحبة والاحترام وانذرت من يفرق بين الرسل في الايمان وفي الاجلال بالعذاب المهين.
قال الله تعالي: “إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون ان يفرقوا بين الله ورسوله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون ان يتخذوا بين ذلك سبيلاً أولئك هم الكافرون حقاً واعتدنا للكافرين عذاباً مهيناً”.
وجاء محمد صلي الله عليه وسلم فإحترم جميع من سبقه من الأنبياء بل ونهي اتباعه عن ان يفضلوه عليهم لأن الأنبياء جميعاً قد جاءوا برسالة واحدة في جوهرها.
ويؤكد الإمام الأكبر ان الرسل الكرام وعلى رأسهم محمد صلي الله عليه وسلم هم صفوة الصفوة من الخلق وهم الشمس التي اضاءت العقول وهم الهداة الي الفضائل والي كل ما يسعد الإنسانية.
ورسول الله صلي الله عليه وسلم في جميع أوقات حياته كان أحرص الناس على إشاعة روح السلام بين الناس ودعا اتباعه الي ان يستشعروا روح السلام في أنفسهم وفي معاملاتهم لغيرهم فلا يكون منهم الي الناس أذي أو اعتداء.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : “السلام من الاسلام” والمسالم من سلم الناس من يده.
ومن دعواته صلي الله عليه وسلم التي كان يكثر من تردادها اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ياربنا بالسلام”.
وهكذا يري كل عاقل ان حياته صلي الله عليه وسلم كانت تقوم على السلام لا على الحرب. وعلى التعاون على البر والتقوي لا على الإثم والعدوان.
الاخبار ببعثته
ويضيف الدكتور عزت عطية الاستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر انه ما من نبي ولا رسول الا أخبر بأنه اذا ظهر محمد صلي الله عليه وسلم أو من قبله من الأنبياء مصدق لما جاء به النبي السابق عليه وآدركه حياً فإنه يؤمن به وينصره.
قال الله تعالي: “واذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال: “أأقررتم وأخذتم على ذلكم اصري. قالوا: اقررنا. قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين”.
والإصر هو العهد قال ابن عباس رضي الله عنه ان الله تعالي أخذ على الأنبياء قبل محمد صلي الله عليه وسلم هذا العهد وما يلزم النبي يلزم اتباعه من باب أولي.
ويشير الي ان كل من تبع نبياً من الأنبياء وصدق في اتباعه تابع لجميع الأنبياء لأن رسالتهم واحدة مضمونها توحيد الله تعالي وطاعته وعدم التمرد على أوامره وتلك هي الأخوة العامة للمتدينين يتعاونون ولا يختلفون ويتحدون ولا يتفرقون ويحب بعضهم بعضا. فالاحتفال والاحتفاء بنبي من الأنبياء إحتفاء بالنبوة على وجه العموم قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : “مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بني بيتا فأحسنه واجمله إلا موضع لبنة في زاوية من زواياه فجعل الناس يطوفون به ويدورون حوله ويقولون: أين اللبنه؟. فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين.
ولقد شاهد تاريخ الإنسانية بداية هذا البيت بآدم وتتابع الرسل من أبنائه وكلما نما البيت نمت النبوة وازدهرت حتى كان الرسول صلي الله عليه وسلم قبل ان يبعث والناس يتشوقون للكمال والتمام فجاءت رسالته وتم البناء ومازالت النبوة ببنائه الكامل وتمامه الخاتم تؤثر في شئون العالم وستظل كذلك إن شاء الله حتى يرث الله الأرض ومن عليها.
منهج رسول الله
يقول الدكتور طه خضير الاستاذ بكلية أصول الدين بجامعةالأزهر انه ما من نبي مرسل ولا ملك مقرب نال ما ناله رسول الله صلي الله عليه وسلم من الفضائل والكرامة ورفعة المنزلة ومع ماتيسر له من اسباب العظمة الحقيقية ومع ما تيسر له والمهابة الربانية والكمال الانساني فقد كان غاية في التواضع ولقد رسم له ربه هذا المنهج فقال: “واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين” فكان بتواضعه متميزاً وبخفض جناحه متعزراً جم التواضع مع أهله وخدمة اصحابه والناس أجمعين.
فأما مع أهله فقد سئلت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ماذا كان يصنع رسول الله في بيته؟. فقالت: كما يصنع أحدكم في بيته يحلب شاته ويخصف نعله ويخدم نفسه ويكون في خدمة أهله.
اللهم صلي علئ سيدنا وقائدنا وقرة عينينا وحبيبنا محمد رسول الله صلئ الله عليه وسلم تسليم
اللهم صلي علئ سيدنا وحبيبنا وقرة عينينا وقائدنا محمد رسول الله صلئ الله عليه وسلم تسليم
يا حبيبى يا رسول الله ..يا أعظم من خلق ..ويا أصدق من نطق ….با من يصلى عليك الله وملائكته وأمرنا بأن نصلى عليك ونسلم تسليما .. اللهم صلى وسلم وبارك على الحبيب محمدا
اللهم صلى وسلم وبارك على من لا نبى بعده صاحب المقام المحمود السراج المنير محمد بن عبدالله