مصريات
اشرف توفيق
مازالت قضية إلغاء فريضة الحج لهذا العام بسبب تفشي مرض انفلونزا الخنازير تثير الجدل بين علماء الدين والأطباء والمتابعين.. وآخر فتوى ظهرت كانت للشيخ “يوسف القرضاوي” يؤكد من خلالها “عدم جواز إلغاء الحج شرعاً لان انفلونزا الخنازير ليست هي الطاعون” ونحن نؤكد على ان خليفة المسلمين “عمر بن الخطاب” رضي الله عنه لم يلغ الحج حتى في وقت انتشار مرض الطاعون.. فهل يكون الرأي فقهياً أم علمياً حتى يتم حسم هذه القضية؟!!
* دكتور عبدالله سعيد أستاذ الفقه المقارن بكلية الدراسات الاسلامية يتفق مع الدكتور القرضاوي في جزء ان عبارة الغاء الحج عبارة ضخمة لا يملكها عبد مهما كانت سلطته ولا أحد يستطيع ان يذكرها لكن كل ما نملكه هو تحديد الاعداد فقط لأن القضية قضية زحام ونقل عدوى والرسول صلي الله عليه وسلم قال “اذا أتيتم الى بلد وفيها عدوى فلا تدخلوها وان كنتم فيها فلا تخرجوا منها” ومبدأ الحفاظ على الناس من العدوى والمرض من مباديء الاسلام.. فأولى تقليل الأعداد حتى لا يكون هناك زحام واختلاط شديد يؤدي لنقل العدوى وهذا يتفق مع أمر الله سبحانه وتعالى في اقامة شريعة الحج ويتفق مع أمر الرسول صلي الله عليه وسلم في ان نحافظ على أنفسنا من الأذي ومن الأمراض.
* دكتور محمد المختار محمد المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر وإمام أهل السنة والرئيس العام للجمعيات الشرعية.. يري ان هناك مبالغة في الأمر فالمرض ليس بالخطورة التي يُخشي منها والاعداد التي ماتت منها في العالم كله تقل عن الأعداد التي تموت في الحوادث اليومية ففي مصر توفيت حالتان فقط والباقي تم علاجه وشفاؤه وبالتالى هذا لا يمثل أبداً وباء ولا أنصح أن نتحجج بإلغاء الحج تحت تلك الحجج الواهية فأنا أتفق مع القرضاوي ما لم يحدث جديد لكن الوضع حتى تلك اللحظة لا يستحق إلغاء الحج لكن لو وصل لمرحلة الوباء وأعلنت السعودية انه أصبح كذلك فلا مانع لكن الاجتهاد لمجرد التخوف من العدوى لا يجوز.
* دكتور سالم عبدالجليل وكيل وزارة الأوقاف لشئون الدعوة يقول: لا يجوز الغاء الحج لكن يجوز تنظيمه وتقليل الأعداد ومراعاة بعض الضوابط عملا بما يراه الأطباء وهذا لا يختلف عليه أحد ولا مانع من الالغاء إذا خاف الانسان على نفسه ان يؤجل الحج لان الاستطاعة ليس في المال فقط بل الاستطاعة الدينية ومنها أمن الطريق وصحة الانسان فإذا خاف على نفسه ولم يأمن الطريق وخاف على صحته.
فمن حقه ان يؤجل الحج وبما ان الدولة هي المكلفة بالحفاظ على صحة الناس فمن حقها اتخاذ اجراء الحماية لنفسها ومواطنيها مع احترامنا وتقديرنا للدكتور القرضاوي كعالم جليل.
* دكتور المحمدي عبدالرحمن عبدالله أستاذ ورئيس قسم أصول الدين بكلية الدراسات الاسلامية العربية بجامعة الأزهر: ما قد يضر بصحة الانسان سواء انفلونزا أو طاعون فمن الممكن تأجيله وهذا يدخل تحت بند الاحسار في الحج بمعني ان الذي يسافر للحج ولم يتمكن من اتمام الرحلة سواء خاف من عدو في الطريق أو من حدوث له مكروه.. فهذا أيضاً وباء والجميع أقر بذلك وأي تجمعات سوف تؤدي الى انتشار المرض وهذا ما قاله المتخصصون وفي الاسلام قاعدة تقول “صحة الأبدان مقدمة على صحة الأديان” فإذا كان الانسان في الطريق وأشرف على الهلاك ولم يجد إلا شيئاً حرمه الله كأكل الميتة مثلا فقد أباح الاسلام له ذلك حتى ينجو وذلك في قوله تعالى “فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه” ونحن أمام وباء خطير باعتراف كل منظمات الصحة العالمية.. والرسول صلي الله عليه وسلم. يقول اذا وجد الطاعون بأرض قوم فلا تخرجوا منها ان كنتم فيها ولاتدخلوها ان كنتم خارجين منها” وهذا ما يسمي حالياً بالحجر الصحي فهذا هو قضاء الله ونحن نأخذ بالاسباب نفر من قدر الله الى قدر الله.
* الشيخ يوسف البدري عضو المجلس الأعلى للشئون الاسلامية.. يقول أعترض على كلمة الدكتور القرضاوي بأن الانفلونزا ليست هي الطاعون لان المرض انتشر بشكل كبير وأصبح يأخذ حكم الطواعين ومع ذلك فان القاعدة الفقهية في الحديث الشريف هي ألا يتوقف الحج بسبب الطاعون ومعلوم ان الحجاز ليس فيه انفلونزا خنازير انما تأتي مع الحجاج الذين جاءوا من بلاد بها المرض فالحج لا يتوقف انما يتوقف الحجاج الذين في بلدهم طواعين.. وقد مرت عشرات الطواعين منذ عهد الرسول وحتى اليوم فقد كان في عهد عمر طاعون “عمواس” الذي مات فيه أمين الأمة أبوعبيدة بن الجراح شهيداً ومع ذلك لم يمنع عمرالحج وجاء من بعده طاعون البصرة وطاعون الكوفة وطاعون دمشق ومن بعده طاعون مصر ومع ذلك لم يتوقف الحج بسبب ذلك لانه لم ينشأ أصلاً في مكة والمدينة وبالتالى لا يتوقف الحج.
* دكتور مصطفى عرجاوي عميد كلية الشريعة والقانون بدمنهور السابق: الحكم على الشيء فرع من تصوره ولا يمكن ان نحكم على مسألة علمية أو مادية الا من خلال المتخصصين مصداقا لقوله تعالى “فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون” وقضية الوباء لا يحددهاعلماء الفقه انما الذي يحددها هم علماء الأمراض والاطباء والمتخصصون في هذا الشأن وبناءً على قولهم ينبغي علينا أن نحكم وأن نصدر الفتوي الشرعية التي تتدارك كل خطر قد يؤدي الى ضرر المجتمع سواء كان ضرراً جزئياً أو كلياً فلا ينبغي على عالم مسلم ان يحكم على قضية خطيرة مثل أنفلونزا الخنازير بأنها ضارة أو غير ضارة تستلزم منع الحج والعمرة أو التقليل من الأعداد وانما الذي يقرر ذلك هم المتخصصون وعلى علماء الفقه ان يحثوا الناس على الالتزام بما قاله المتخصصون مصداقاً لقوله تعالى “ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة” وقوله تعالى “ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً”.