بمناسبة مصر النهاردة . .أي بلد يريد التليفزيون تقديمه
برنامج مصر النهاردة
مصريات
بقلم : ماجدة موريس
انطلق مساء السبت الماضي البرنامج الجديد المنتظر مصر النهاردة على شاشة القناة الثانية الأرضية “والفضائية المصرية” ولمدة ساعتين يومياً تبدأ من العاشرة مساء.. امكانيات مصر النهاردة – كما رأينا – كبيرة وسخية في الكليب الذي عرض علينا في اليوم الأول مبتدئا بالبناء. أي بناء مقر برنامج مصر النهاردة نفسه الاستديو الكبير وغرف التجهيزات والراحة الخ..
وعلمنا ان البرنامج القديم “البيت بيتك” كان يفتقد هذا كله! ونقل عن المهندس أسامة الشيخ رئيس اتحاد الاذاعة والتليفزيون ان الأسبوع الأول لـ مصر النهاردة سيشهد “مناقشة وتفجير العديد من القضايا التي تهم المواطن في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية حيث يستقبل مصر النهاردة عدداً كبيراً من الشخصيات المصرية المهمة. بالاضافة لعرض تقرير اخباري يومي في مصر النهاردة يغطي كافة الأحداث أولاً بأول.
أيضا فان برنامج مصر النهاردة سيقوم بمتابعة كافة الأحداث الساخنة المطروحة على الساحة ذات الاهتمام الجماهيري وينزل مصر النهاردة بكاميراته لينقل ايقاع الحياة اليومية في الشارع المصري على الهواء مباشرة”..
وقبل مناقشة هذا الوصف لوظائف مصر النهاردة فلابد من الاشارة الى انطلاق برنامج آخر. سبقه بأسبوع هو برنامج “من قلب مصر” على شاشة قناة “لايف” والذي يقترب من البرنامج الأول في كونه يأتي على نفس النسق الجامع الشامل “الكشكول” يطرح كل الموضوعات والقضايا وله فريق عمل كبير مثل “مصر النهاردة” وفرق من الرعاة أيضا. ومدته – كذلك – ساعتان والفارق انه يبث لمدة ثلاثة أيام بينما يستحوذ “مصر النهاردة” على ستة أيام أسبوعيا. وفارق ثان هو أن لميس الحديدي تقدم من قلب مصر وحدها بينما يقدم مصر النهاردة أربعة هم: محمود سعد – تامر أمين – خيري رمضان – منى الشرقاوي ولابد أن العديد من المشاهدين يتساءلون عن الحكمة من هذا بغض النظر عن الكفاءة؟ ثم سؤال آخر وهو لماذا ينافس تليفزيون الدولة نفسه بتقديم برنامجين كبيرين على هذا النحو في موعد مقارب. ويبدأ الأول في التاسعة مساء والثاني مصر النهاردة في العاشرة وبالتالى فانه بدلا من اتاحة الفرصة لكليهما لاجتذاب جمهور متوقع لهذه البرامج يفتت هذا الجمهور بينهما بينما كان المفترض استقلال كل منهما بموعد لا ينافسه أحد فيه لزيادة الجمهور.
ثانيا: حول الهيكل التنظيمي للبرنامجين. فلماذا يتكرر أيضا بينما المفترض هو الابتكار والتفرد حتى لا تتكرر الأفكار والفقرات هنا وهناك. بدون قصد أو بقصد المنافسة على جذب المشاهد. لأن كل برنامج منهما يقدم كل شيء وتصريحات أسامة الشيخ للجرائد صباح السبت التي نقلتها في بداية هذا المقال تسري على “في قلب مصر” مثلما تخص “مصر النهاردة” من خلال ما رأيته من حلقات للبرنامجين.
ثالثا: وهذا هو الأهم في رأيي.. هل تطرح برامج محورية مثل مصر النهاردة لمجرد متابعة ما يحدث من احداث ونقل ايقاع الشارع المصري أم من أجل التخطيط لمصر المستقبل بمعنى ان العقول المفكرة لهذه البرامج عليها المبادرة برعاية والسعى الى وضع الخطط الداعمة للأفكار والاتجاهات المؤثرة في خلق انسجام مجتمعي وليس تنافراً. وفي تأكيد الوحدة الوطنية والمواطنة والشعور بالانتماء. وبالتالى فإن المطلوب ليس استنساخ نسخة جديدة من برامج سابقة. وانما الاجتهاد في ايجاد أساليب جديدة للطرح وصياغات مختلفة للتعامل مع ملايين المشاهدين. وما قدمه مصر النهاردة في الحلقة الأولى هو نوع من ردود الأفعال للأحداث التي تكررت كثيرا من قبل “مثل حادثة مطروح الطائفية أو التي أصبحت كذلك” وحيث دار الحديث تليفونيا مع المحافظ وهو نفس ما حدث في “في قلب مصر” عن احضار محافظ المنيا وأسقف الكنيسة موضوع الخلاف. فهل انتهى الأمر على هذه المعالجات واغلق التليفزيون أبواب الاجتهاد فيها؟ أم أن هناك سيناريوهات أخرى لتوظيف البرنامج في ضرب الفتنة مثل فكرة طرحت من قبل بتخصيص فقرة لرجل دين مسيحي حتى يدرك المواطن المسلم ما لا يعرفه عن أخيه في الوطن. أو تقديم برنامج مشترك يجمع بين الديانتين ويكشف للمواطن المشاهد كم التقارب بينهما وبالتالى يقطع الطريق على دعاة الفتن واللاعبين بالنار وبالمناسبة فان هناك قناة خاصة تقدم برنامجا شبيها يتواجه فيه اثنان من رجال الدين بكل الحجج الداعية للتمسك والمحبة.
رابعا: وماذا عن المستجدات الطارئة في المجتمع والأزمات اليومية. وعلى أي نحو سوف تتم معالجتها في مصر النهاردة.. هل بأسلوب سد احتياجات اللحظة أم التخطيط للمستقبل؟ والى أي جانب سوف ينحاز برنامج مصر النهاردة فيما يخص موضوعات التعليم والغلاء والأسعار واعتصامات العمال مثلا؟ هل ينحاز الى الحكومة أم الى المواطن؟ وما هي الأدوات الممكنة في التعامل مع تلك الأحداث المستجدة والقديمة بأسلوب يدفع المشاهد للانحياز الى مصر النهاردة حال شعوره بأنه ليس منحازاً للحكومة. بل مهموم بالناس “وهو ما أدركه الكثيرون في بعض ما قدمه البيت بيتك سابقا” وأشير هنا الى تلك المقارنة بين أسرتين في الحلقة الأولى من مصر النهاردة أسرة كادحة وأسرة مستريحة وهي مقارنة متعسفة والمقارنات لها أصول وقواعد.
وأخيرا لابد من الاشارة الى نوعيات الضيوف وأن لا تمثل مصر كلها فقط من خلال فنانيها ولاعبي الكرة بها وبعض الكتاب والسياسيين حتى لا نفقد فضيلة الدهشة وقيمة اكتشاف المجتهد المجهول بين أبناء هذا الشعب.. والأمل كبير أن يصبح مصر النهاردة وثيقة حية لبلد متحضر يسعى الى تحديد انتمائه الحضاري.. خاصة مع عرضه على الفضائية المصرية التي يراها المصريون في الخارج.. ويفتقدونها كثيراً.
أرجوك يادكتور زويل أنقذ مصر ولتضع الرجل المناسب في المكان المناسب من ثقافه وعلم وتكنوليجيا