مصريات
بقلم : محمد فتحي يونس
- يتحدث الاقباط عن المواطنة وهم أول من يخترقها بالبحث عن كوتة للمناصب والمكاسب
- المرشحون الاقباط في نظر الاخوان المسلمين مجرد كروت للضغط على النظام ويبقي «اللي في القلب في القلب»
على مدى نصف قرن برزت في الواقع السياسي المصري مشكلتان جوهريتان، أولهما تجذر الاسلام السياسي في نسيج الوطن مع توقف أدبياته عند مرحلة الخلافة، دون الاستفادة من الطاقة الروحية للدين في دفع الإصلاح السياسي للأمام ، أو تهذيب خطابه ليتصالح مع العصر مثلما حدث في تركيا أو حتى إيران.. تعطلت الحياة السياسية بتعطل كتلة كبري منه بفعل الجمود من ناحية والقمع من ناحية أخري.
والمشكلة الثانية تقوقع الاقباط في جيتو كنسي خاصم المواطنة و عزز الطائفية، وصل عدد النواب الاقباط المنتخبين مثلا عام 1942 الى 27 نائبا، ووصل ويصا واصف الى منصب وكيل البرلمان عام 1926، واليوم تراجع العدد الى نسبة شبه معدومة، وتحول القبطي بفعل عوامل عديدة من شريك في الوطن الى عضو في طائفة.
أنتج جمود الاسلام السياسي وعزلة الاقباط في ظل مناخ القمع، أسلوبا واحد اتبعه الاسلاميون والاقباط في الحصول على المكاسب..أسلوب الصفقات.. يتحدث مثلا برنامج الاخوان المسلمين عن حتمية رئاسة الدولة لمسلم ، أو يتحدث مرشد سابق عن الجزية ثم يعلن الاخوان دعمهم لمرشحين أقباط في انتخابات مجلس الشعب او الشورى.. هم في نظرهم مجرد كروت للضغط على النظام، وما “في القلب في القلب”.
على الجانب الآخر يتكلم الاقباط عن المواطنة ثم يبحثون عن صفقات لبناء عدد أكبر من الكنائس أو الحصول على نسبة من المناصب السيادية أو تسليم فتاة أسلمت للكنيسة.. أو إلغاء قانون رسمي لا يعجب البابا، وكلها أمور تتنافر مع المواطنة.
الوضع الحالى مريح للإخوان والكنيسة معا.. فالاخوان يملكون الشارع سياسيا، والكنيسة تملك الاقباط سياسيا..ووسط الكتلتين النظام سعيد باستمرار الأوضاع كما هي وهو طرف فاعل في كل الصفقات.. التي يعقدها الطرفان القبطي والاخواني.
تحالف الاقباط والاخوان المسلمين الالذي ألمح إليه جمال نصار لن يكتمل لأن الكنيسة وهي الطرف الأقوي في الوسط القبطي أعلنت ولاءها للنظام بانتظار مكاسب جديدة يغدقها النظام بشكله الحالى أو بطبعته في عصر الوريث.. والاخوان سيكررون ما فعلوه في انتخابات 1984 بدعم شخصيات قبطية مفردة للحصول أيضا على مكاسب .. منها المعنوي ” إظهار أنهم ليبراليون وغير منغلقين” أو مكاسب مباشرة بضرب فزاعة الوطني التي يصدرها للأقباط باعتبار أن تطرف الاخوان المسلمين هو البديل.
هو تحالف إذن ملوث بالصفقات.. لم يتخلص فيه الاخوان من “ثيوقراطيتهم” ..فهم لم يملكوا الشجاعة ليتحولوا بعد الى حزب مدني، يتخلص من تجنيد المساجد، لم يفرقوا بعد بين كونهم فصيلاً سياسياًمن جهة أو وفصيلاً دينياً يؤدي رسالة من جهة أخرى بل حتى لم يزاوجوا بين الطبيعتين بنجاح مثل حزب العدالة والتنمية.. حتى ديمقراطيتهم الداخلية بات مشكوكاً فيها بعد انتخاباتهم الأخيرة وتجاوزاتها.
والاقباط(تحت قيادة الكنيسة) لا يزالون بانتظار زيادة “الكوتة” المسيحية في المناصب، ولتذهب الديمقراطية وتبادل السلطة للجحيم..
ربما أكثر السعداء بأنباء التحالف المحتمل .. هو النظام نفسه.. لعله دليل على أن هناك من تربي على مبادئه .. يبحث عن الصفقات مثله بصرف النظر عن مصلحة الوطن.
اين الدين يا اخى ؟ اين القدوة يا اخى ؟ لقد ذهبا ادراج الرياح _ كفانا اعلام هابط ! لك الله يا مصر