تزغيط البط .. حرام أم حلال؟
مصريات – زينات ابراهيم
ذهب الى السوق يشتري بطة كي تعدها له زوجته على العشاء.. لكن الفرارجي أصر على تزغيط البطة التي اختارها قبل وضعها على الميزان.. فتألم الرجل ودق قلبه بعنف للمشهد الدامي.. فالبطة تبعد منقارها قدر استطاعتها بينما الفرارجي المفتري يضع حبات الذرة في جوفها رغماً عنها حتى خيل إليه أن حويصلة البطة تكاد تتمزق أمام عينيه!
عاد عاشق البط الولهان الى زوجته حزيناً مهموماً.. وعندما سألته عن السبب حكيى لها ما فعله الفرارجي اللعين بالبطة المسكينة.. فضحكت المرأة طويلاً.. لكنها توقفت فجأة عن الضحك عندما سمعت زوجها يسأل عن الموقف الشرعي من تزغيط البط.. وهل هو حرام لأن “البط بياكل غصب عنه” أم حلال لأنه تسمين؟!
قالت الزوجة بصوت مشوب بالدهشة والخوف في آن واحد: إن الفرارجي قام بتزغيط البطة كي يزيد وزنها بعض الشيء بما يرفع سعرها.. لكن الزوج لم يقتنع.. فتأكدت مخاوف المرأة التي ظنت أن زوجها قد أصيب بشيء من الخبل العقلي أو الجنون!
بعد تناول العشاء شعر الزوج بتأنيب الضمير.. فسأل الفقهاء وصدرت فتوي بالفعل من أحد مشايخنا الأجلاء في أحد المواقع الإلكترونية الإسلامية تحت عنوان بارز: “تزغيط البط رؤية فقهية”!
راح الشيخ الرصين يذكر اختلاف العلماء في التزغيط. ثم خلص في النهاية الى “أن تزغيط البط جائز بشرط أن يكون تحت إشراف طبيب متخصص.. فيجوز إطعام الحيوان فوق طاقته بشرط ألا يتضرر من ذلك.. وهذا يستلزم أن يكون الأمر تحت إشراف الطبيب العارف بأمراض الحيوانات أو سؤاله على الأقل.. لأن الحيوان يتضرر ولا ينطق والطبيب هو الذي يخبر بتضرره”!
لكن الشيخ لم يحدد للسائل ما إذا كان تزغيط البط غصبًا عنه.. يحتاج لجلسات في العيادة النفسية تضمد الألم الذي تستشعره البطة بعد التزغيط.. أم طبيب بيطري ينصحها بتناول أقراص ومحاليل دوائية تساعدها على الهضم السهل السريع دون أن تصاب بالزغطة؟!
فتوي الشيخ الرصين رداً على سؤال عاشق البط الولهان تدفعنا لطرح العديد من التساؤلات طلباً للجواب الشافي والفتوى الشرعية الحاسمة؟
بماذا يجيب الشيخ الرصين الناس الذين يسألون عن الحكم الشرعي من مزارعي قرى ناهيا والمعتمدية وكفر حكيم وبرك الخيام التابعة لحي بولاق الدكرور الذين زرعوا مئات الأفدنة خضروات اعتماداً على مياه الصرف الصحي القادمة من محطة زنين بالمخالفة لقرارات وزارة الزراعة التي تحظر ري الزراعات المثمرة والخضروات بمياه المجاري.. علماً بأن الخضروات تم تزغيطها غصبًا عنها بمياه المجاري الملوثة المسممة.. واستوطنت معدة الناس الغلابة الذين بهرهم حجمها الكبير معتقدين أنها ثمار جيدة أنتجتها تربة خصبة بمساعدة السماد والتهجين؟!
وما الفتوى الشرعية التي يصدرها الشيخ الرصين بشأن مقاول شبكات المياه في قرية البرادعة التابعة لمدينة القناطر الخيرية بالقليوبية الذي قام بضخ مياه الصرف الصحي الراكدة داخل شبكة المياه النقية ليشرب الناس مياهاً مخلوطة بالصرف الصحي ويصاب المئات بالحمى التيفودية بسبب شرب مياه غير صالحة للاستهلاك الآدمي في بلد النيل؟
وماذا يقول الشيخ الرصين عن المسئولين الذين باعوا ضمائرهم للشيطان وقاموا بقطع مياه الشرب عن سكان منطقة الهراوية في برج العرب بالإسكندرية وتحويلها الى خط الساحل الشمالي لخدمة وإرضاء الأثرياء وصفوة القوم على حساب الغلابة العطشانين في عز حر الصيف.. ومثلهم أهل قرية التقدم بالإسماعيلية الذين اضطروا لشراء جركن مياه الشرب بجنيهين بعد انقطاع المياه. وأيضاً مياه الري التي تهدد ثروة الأرض الزراعية؟
وبماذا يجيب أطفال الشوارع الذين يتساءلون عن مصيرهم بعد تزايد أعدادهم وفقاً للتقارير الرسمية التي تؤكد أن هناك نحو خمسة آلاف طفل بمحافظة القاهرة وحدها يتجمعون في 35 موقعًا منها: السيدة زينب والجمالية والحسين وشوارع عباس العقاد ومكرم عبيد.. وفي المناطق القريبة من المولات والمطاعم بمصر الجديدة؟!
وما الفتوي الشرعية التي يصدرها الشيخ الرصين بشأن الحكومة التي جعلت نصف المصريين يعيشون تحت خط الفقر.. ومئات آخرين لا يجدون قوت يومهم بينما ترتفع معدلات الإنفاق الحكومي غير الرشيد لدرجة أن الإحصائيات تقول: إن مصروفات الفشخرة الخاصة بتأجير النوادي والفنادق لعقد المؤتمرات والتهاني والتعازي والضيافة بلغت 9 مليارات جنيه وكان الأفضل إنفاقها في تحسين أوضاع الفقراء المعيشية ومحدودي الدخل؟!
وبماذا يجيب الشيخ الرصين المصريين الذين يسألون عن الحكم الشرعي من الدولة التي باتت تكتفي بدور المتفرج ومساحة الأرض القابلة للزراعة في مصر تنكمش بسرعة فائقة. بل ومرعبة.. تصدر أحكاماً عشوائية بإعدام وتبوير مئات الأفدنة الخصبة زراعياً لصالح المستثمرين والمنتفعين الذين قاموا بتحويلها الى فيللات وقصور وملاعب جولف وحمامات سباحة؟!
ثم بماذا يجيب الشيخ الرصين عن بيزنس الدعاة الجدد وأحاديثهم السطحية التي تهتم بقشور الدين على حساب الجوهر والمضمون.. وفتاوي تزدحم بها القنوات الفضائية الدينية تهتم بالحلال والحرام في أمور هامشية مليئة بالجدل والتناقضات حتى صارت البرامج الدينية الساذجة تمثل جريمة في حق هذا الجيل الناشئ المعذب الذي يفتقد القدوة والجدية والقيم الأخلاقية والروحية التي تعلى احترام الآدمية والكرامة الإنسانية؟
ليت الشيخ الرصين يصدر فتوى شرعية حاسمة عن كل تساؤل وسؤال في نفس الموقع الإلكتروني الإسلامي الذي دشَّن عليه فتواه والموقف الشرعي من تزغيط البط. وهل هو حرام لأن “البط بياكل غصب عنه” أم حلال لأنه تسمين؟!
واضح أوي أنك هبلة وعبيطة وغبية