مصريات – تبدى أمام كل ذي عينين متابعا لاحوال الوطن العربي ان رياح الردة الحضارية التي عصفت بأجمل ما كان في هذا الوطن أو كادت تعصف به، قد نجحت الى حد بعيد في صرف المواطنين عن المخاطر الحقيقية التي تحدق بهم فعلا والتي ليس اقلها ان “اسرائيل دولة يهودية” علينا الاعتراف لها بهذه الصفة وبعدها يكون “الحساب” أي اسرائيل التوراتية من الفرات الى النيل وتمحور هذه “الردة” كل جهودها المدفوعة الثمن مقدما من اصحاب المصلحة – على المرأة..
واصبح من شبه المستحيل تقريبا ان تستمع الى خطبة دينية أو خطاب “سياسي” أو فتاوي واحاديث شيوخ الفضائيات دون ان يكون موضوعها المرأة!! انتهت كل مشاكلنا.. حررنا الارض السليبة.. حققنا انطلاقة اسطورية في مجال التعليم.. بهرنا العالم بصناعتنا وتقدمنا التكنولوجي.. حلقنا بابداعاتنا الى السماوات البعيدة.. قضينا على الامية فبتنا نفخر بأن وطننا العربي لا يضم اميا واحدا من المحيط الى الخليج.. وغير ذلك من “الانجازات” العظيمة التي تحتاج الى مجلدات ومجلدات لكن كان فقط ينقصنا “مشكلة المرأة” وحقيقة لا ادري لمصلحة من يتم يوميا تغذية ازدراء المرأة وقصر دورها في الحياة على “امتاع”! الرجل أو غوايته؟ أو .. أو .. وكأن رجال العرب والمسلمين مسلوبو الارادة لا حول لهم ولا قوة ولا ارادة ولا مباديء وقيم دينية وعلى “المرأة” وحدها يقع عبء “عصمتهم” من الخطأ و”الخطيئة” انه استسهال “المفترين”!
وتبسيط مخل للمشاكل التي يعاني منها الجميع، رجال ونساء، مسلمين وأقباطا وغيرهم من الديانات والمعتقدات الاخري نتيجة العجز المرعب في التصدي لأي قضية، ناهيك عن التحديات التي لا تخفي والتي يقول المنطق اننا نكون أو لا نكون..
نكون اذا استخدمنا عقولنا وجهودنا في التقدم والنهوض ورسم مستقبل أولادنا واحفادنا بأيدينا ولا نكون اذا واصلنا هذا الهوس الجنسي بالقاء وزر كل المصائب والكوارث على المرأة.. والمحير ان النظرة الى المرأة ودورها تختلف باختلاف “رؤية” من يتصدى للكلام عنها او الافتاء بشأنها.. فمنهم الذي يعيش عصور ما قبل التاريخ معتبرا ضرورة ارتداء النقاب غير مكتف بالحجاب وبين من “يرضي” بالحجاب ومنهم بحكم اختلاف الديانة أو الثقافة من يري ان المرأة انسان كامل الانسانية وخصها الله بأنبل رسالة الا وهي استمرار الحياة التي تولد في رحمها ولا تتباعد الفترات التي اسأل فيها نفسي عن قدرة بعض “المدافعين”! عن الدين على شاشات الفضائيات، على مشاهدة هذا الكم من “افلام وكليبات” يقولون انها “بورنو” ولماذا باسم الفضيلة والترفع – لم يغير هؤلاء القناة لا سيما وانه ليس مطلوبا منهم “التحرك” من مقاعدهم فقط ضغطة على زر “الريموت كونترول” واتصور اننا بعد ان رضخنا في معظمنا لهذا الفكر الاقصائي العنصري ننتقل الآن الى أولي مراحل “الابادة” وهو ما نشاهده الآن ويمثل فضيحة حقيقية وبكل المقاييس، في السودان بصدد الصحفية السودانية لبني أحمد الحسين والتي حكم عليها “حراس الفضيلة” في الخرطوم بالجلد لانها متبرجة وترتدي بنطالا ولن اخوض دفاعا عن السيدة لبني فهي من أشجع مخلوقات الله وكل صورها تؤكد انها ابعد ما تكون عن شبهة التبرج وهي بالطبع ليست مسئولة عن الخيال المريض الذي سرح بأصحابه الى ما تحت الملابس الخارجية – فالعالم يتابع مآسي السودان من جنوبه المهدد بالانفصال الى دارفور وما يجري فيه من حروب دامية الى مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسية لا حصر لها، ويقدم الحريصون على الشريعة وتطبيقها في السودان وغيره من الاقطار العربية نموذجا ضمن ما يقدمون من نماذج ساطعا على سماحة الاسلام وعلى المستقبل الباهر الذي ينتظر ابناء الجنوب السوداني واغلبيتهم الساحقة من المسيحيين والوثنيين، في حال استمرار نظام البشير في تطبيق احكام وعقوبات شرسة وقاسية باسم الشريعة الاسلامية وهل نلوم المواطنين في أوطاننا، سواء كانوا من ديانة أو قومية مختلفة، اذا رفضوا من اعماقهم الرضوخ لمثل هذه التفسيرات القاسية والجانحة الى التضييق والتحريم وتطبيق الحدود وفق مفهومهم وفي نفس الوقت اهمال اهم ما جاء الاسلام من اجله وهو التسامح “لا اكراه في الدين” والحوار “وجادلهم بالتي هي أحسن” “وحرية العقيدة” “لكم دينكم ولي دين” وتمجيد العمل “وقل اعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون” ومئات المعاني السامية وعلى رأسها الرحمة فإن أول اية في القرآن الكريم هي “بسم الله الرحمن الرحيم” وهكذا نري الخالق عز وجل وهو عكس نظرتهم له التي تتفنن في تعذيب المسلمين وتنفير غير المسلمين بل واصابتهم بالرعب ولن انسي عندما خرج حسن الترابي “مبتسما” انه لا يهمه انفصال الجنوب السوداني الذي يرفض ابناؤه تطبيق الحدود عليهم وفق الشريعة الاسلامية، فالمهم هو تطبيق الشريعة؟! اكمل وانجح الخطط لشرذمة الاوطان.. والكارثة بدعوي الغيرة على الدين.
ليش ماتردي؟