حوار: أحمد سيد
أثار المخرج سامح عبدالعزيز الكثير من الجدل حول نهاية فيلمه »الفرح« الذي وضع له أكثر من خاتمة.. الفيلم الذي يجسد واقع المناطق العشوائية فجر العديد من التساؤلات التي واجهنا بها صاحب الفرح هو مخرج الفيلم ويقول:
إن ما شاهده الجمهور مأخوذ من الواقع وورغم إنني والمؤلف أحمد عبدالله من أهل هذه المناطق الشعبية إلا أننا قمنا بزيارة هذه المناطق وحضرنا عددا من الافراح وظاهرة النقطة معروفة لديهم عندما يعلن احدهم عن اقامة مناسبة مفرحة فتأتيه النقود من أقاربه وهي نفس النقود التي كان قد اعطاها لهم في مناسباتهم كتعبير عن المشاركة والمساهمة في قضاء احتياجاتهم.
اما عن اقامة فرح وهمي وتأجير عروسين فهو أمر واقعي لكن ذلك لا يعني أنه من الضروري أن يتم نقل الواقع كما هو ولكن من حق المؤلف والمخرج أن يظهرا ابداعهم الخاص، فكما أن هناك واقعا هناك أيضا واقع افتراضي خاضع للخيال وفي النهاية فانه مظهر اجتماعي يريد أن يحافظ عليه »زينهم« علي الرغم من أن أهل المنطقة كانوا غير مقتنعين بأن له شقيقه »علي وش جواز« وهذا ظهر في بداية الفيلم من خلال كلام أهل الحارة.
ولكن اقامة فرح يكلف »زينهم« مبلغا باهظا من أجل جمع بعضا من المال ألا تري أن هذا غير منطقي؟
بالفعل زينهم صرف علي الفرح ولكن كل ما صرفه لا يمثل ٠١٪ من المبلغ الكلي الذي سيحصل عليه فكل الناس تأتي الفرح للمجاملة وكل منهم يدفع الذي يقدر عليه والدليل علي ذلك مشهد محمود الجندي صاحب الجمعية وهو يتحدث مع عامل تركيب الزينة والانوار ويفاصله علي الاجرة.
يرى البعض أن بعض المشاهد طالت مثل مشهد »النقطة« ما تعليقك علي ذلك؟!
مشهد »النقطة« كان لابد من اطالته لانه المحرك الرئيسي للأحداث وتأكيد لمعني المجاملات في الافراح، فضلا عن العديد من التعليقات من جانب الجمهور حول الإكثار من مشاهد ماجد الكدواني.. فهناك دائما مؤيد ومعارض ولا يمكن لصانع الفيلم ان يجعله كاملا ولكني اسعي دائما في جميع أعمالي أن أصل الي الاكتمال حتي أقدم عملا ينال اعجاب الجمهور ويثير حالة من الجدل في الشارع المصري كما أن الكمال »لله وحده«.
قيل أن النهاية الثانية ارادت تثبيت لمبدأ أخلاقي فهل كان وجود نهايتين في الفيلم متفقاً عليه من البداية؟!
- كان من الضروري أن يكون هناك قرار أخلاقي يناهض القرار الاقتصادي وهذا ما اتفقنا عليه منذ البداية عند كتابة السيناريو وذلك حتي لا يصاب جمهور السينما بالاستفزاز ولايشعرون بالخديعة طيلة الوقت، فعلي سبيل المثال لا يمكن أن تقدم مشهد مطاردات بالسيارات في واقع لا يستطيع السير بسبب »الخنقة« المرورية فلابد للمبدع أن يضع نفسه مكان المشاهد مع مراعاة الجانب التجاري والنقدي، فضلا عن أن زينهم »خالد الصاوي« عند وفاة والدته ومع ضغط من حوله عليه أكمل الفرح حتي ينتهي وبعدها أعلن عن وفاة والدته، وبهذا القرار تعرض لعدد من المواقف كما تأثير من حوله بهذا القرار أما في النهاية الثانية عندما قرر الاعلان عن وفاة والدته لم يحدث ما حدث في النهاية الاولي فهو بعد أخلاقي بحت.
وأضاف عبدالعزيز أن وجود نهايتين كان متفق عليه من البداية للمغزي الذي تحدثت عنه.
كما أن هذا ليس بالامر الغريب الآن وخاصة في الافلام الاجنبية العديدة التي قدمت بهذا الشكل.
ألم تقلق من رد فعل الجمهور بعد مشاهدته النهايتين دون أن تعطيه فرصة للتفكير؟
- أنتابني شعور بالقلق في البداية ولكن بعد فترة تفكير وجدت من الافضل ان ابتعد عن التابوهات السينمائية المعروفة وأقدم شيئا جديدا غير متوقع وعنصر مفاجأة للجمهور، الذي يبحث عن الجديد دائما، فضلا عن أن جمهور السينما أجرأ من صناعها، كما أن هذا لم يحد من التفكير لانه طوال الوقت المشاهد يفكر في الحيرة التي وقع فيها بطل الفيلم »زينهم«.
هناك عدد من الافلام في الفترة الاخيرة قدمت الاحياء الشعبية ما الجديد الذي اكتشفته في هذه المناطق؟
- أنا ألقي الضوء عليهم لان المناطق الشعبية مادة خصبة لصناع السينما، كما أن فيلم الفرح مختلف عن كل ما قدم لأنه لا يسيء لسكان هذه المناطق ويقدمهم بكل جديد وواقعي الي حد ما فضلا عن اننا كفريق عمل اردنا ان نثبت من خلال التجربتين السابقتين ان السينما عمل جماعي ولا تعتمد علي النجم الاوحد الذي اصبح يتلاشي عصره، كما أن الجمهور بدأ يلتفت لصناعة السينما خاصة في الفترة الاخيرة لانها شهدت عدة تغييرات سواء علي مستوي الاخراج أو الموضوعات التي يتم طرحها.
ما سر احتفاظك ببعض أبطال كباريه واعتمادك عليهم في فيلم »الفرح« مع اضافة بعض العناصر الجديدة؟
- ان تجربة »كباريه« اثبتت نجاحها وسط عصر يعتمد فقط علي نجوم الشباك وكان فريق فيلم »كباريه« لا يحتوي علي نجم شباك واحد ولكن اعتمد علي البطولة الجماعية كما انهم تميزوا بمواصفات خاصة مثل الذكاء التمثيلي الذي يجد ممثلا يبدع أثناء تجسيده للدور من خلال رؤيته هو ورغم ذلك نحن لم نعتمد علي نجاح فيلم »كباريه« وانما قدمنا عمل مختلف بفريق جديد حتي لا يقال اننا نستغل نجاح كباريه فضلا عن أن هذا كان اتفاق من البداية، لتقديم موضوع جديد من خلال فريق عمل كبير يشبه فريق كرة القدم.
بعد تجربة الفرح ستخوض تجربة جديدة بعنوان »الليلة الكبيرة« تدور احداثها أيضا حول الموالد الشعبية حدثنا عن ذلك وهل ستستمر في هذه النوعية من الافلام؟
- فيلم »الليلة الكبيرة« مازال في مرحلة الكتابة وتدور احداثه حول الموالد الشعبية ويلقي الضوء حول حياة الناس الذين يعملون بالموالد ويقوم ببطولته فريق عمل فيلم كباريه والفرح مع الاستغناء عن بعض العناصر.
أما عن الاستمرارية من عدمها فأنا لا احب التصنيف ولا احب ان احاصر في تصنيف معين، فكل ما يعرض علي وأحس به يمكن أن اخرجه، وليس بالضروري أن يكون موضوعه عن العشوائيات أو المناطق الشعبية، فضلا عن انها كانت خطة ثلاثية اتفقنا عليها أنا وأحمد عبدالله وأحمد السبكي.
هناك شخصيات كان يمكن الاستغناء عنها داخل الفيلم ما تعليقك علي ذلك؟
- أري أن جميع الشخصيات وضعت في نصابها الطبيعي ولا يمكن الاستغناء عن أحدهم حتي الممثلين الصغار الذين كان دورهم جمع »النقطة« وكذلك الزوج »حسن حسني« وزوجته »مي كساب« كان دورهما القاء الضوء علي جانب من أهل الحارة وكيف يقضون حوائجهم ورصد مراحل حال الفرح ومايدور فيه.
من الشخصيات التي اثارت جدل كريمة مختار حيث تتمتع بقدر كبير من الهداية في الوقت الذي توافق ابنها مع اكذوبة الفرح ما رأيك في ذلك؟
- شخصية الام تبحث دائما علي راحة ابنها حتي يحقق غرضه وهو شراء ميكروباص يعمل عليه فوافقت علي هذه الحيلة حتي يحقق غرضه ولكن في نفس الوقت كانت دائمة النصيحة له، بل قامت بالقاء النصائح علي الراقصة حتي جعلتها تقرر الاعتزال والتوبة، فهي أم مثل كل أم تتمتع بقدر كبير من الاحسان وتسعي دائما لرضي الله وتحاول أن يتمسك الذين حولها بنفس الهدف.
مشاهدة يوتيوب تريلر فيلم الفرح