غرفة الإنعاش.. مجمموعة قصصية تؤكد أن مصر بتتأزم بينا
مصريات
يسري أبوالقاسم
ربما تكون القصة القصيرة أكثر من غيرها اهتماماً بالقيمة وتوصيل فكرة معينة وهدف نبيل من خلال سطور قليلة وموجزة لأن لا مساحة للابتذال.. أو التعقيد.. والمجموعة القصصية التي بين أيدينا الآن وهي بعنوان غرفة الإنعاش للمؤلف «كرم صابر».. تتأرجح بين نقيضين كلاهما بعيد كل البعد عن الآخر حيث الرغبة في توصيل قيمة معينة من خلال الشخوص الواقعية التي صورها المؤلف بطريقة تنم عن أنها من لحم ودم خاصة في قصة الخوف التي رسم «كرم صابر» معالمها وكان يرصدها من خلال كاميرا تقف زووم على كل شخص من شخوص القصة التي تدور في بيئة بسيطة العالم ليست شعبية ولكنها عشوائية حيث أم عبادة وعبادة ابن أم عبادة وبائعة الخوخ والقيمة من القصة هي توضيح المعاناة لهذه البيئات العشوائية التي انتشرت في مصر ومحاولة الخروج من هذا المأزق وهذه الأزمة التي تتوالد كل يوم.
وفي قصة «النمل يملأ الشقة» يحاول المؤلف أن يذكرنا بأن الحشران ملأت البيت حتى إن أصحاب الدار لم يبق لهم ولوشبر واحد يعيشون عليه وهذا يعطينا مؤشراً بأن الفساد استشرى وزاد على الحد وتخطي كل حدود المنطق وهذه أيضاً قيمة أخرى رصدها المؤلف مازلنا نتحدث عن القيمة في قصص «كرم صابر» ففي قصة الرحلة كتب إلينا عبر سطور قليلة عن رجل مصري كانت حياته مليئة بالصراعات من أجل البحث عن السلطة والنفوذ وجمع المال حتى يصبح الرجل الأسطورة لكنه فقد كل ذلك لأنه نسي أنه ابن أسرة فقيرة وأنه كان من الأجدر أن يقف بجوار الفقراء والمطموثين.
كل هذا جدير بالاحترام فكما ذكرنا سالفاً العمل الأدبي إن لم يكن له هدف معين فلا قيمة له لأن سيصبح خاوياً أجوف بلا طعم «كالجمار» الخط الآخر للمؤلف والذي يناقض الخط الأول هو الإساءة للدين في أغلب القصص بل داخل القصص التي رغب أن يجعلها تهدف الى القيمة.. فعلى سبيل المثال في قصة النمل يملأ الشقة.. كتب المؤلف.. كانت زوجتي كل يوم تصحو بانتظام تسب الدين للموبايلات ومن صنعها.
كما جاء أيضاً في القصة نفسها كانت زوجتي في وسط الصالة تزعق وتسب الدين لي وللأولاد والموبيلات وتطلب مني أن أرحم الأولاد وأتركهم اليوم كإجازة.
أما في قصة الخوف والتي ذكرنا أنها هادفة لم ينس المؤلف أن يضع فيها تناقضه الشديد بين القيمة واللاقيمة حيث كتب وسط الحكاوي يقف الحمار الحصاوي ليسب عبادة العربجي بالدين للصباح والنهار والسوق والبيوت والرجال والعوانس.
هذا بخلاف بعض الكلمات الخادشة للحياء والتي ربما قد نجدها عند بعض الكتاب الباحثين عن التقاط عيون وعقول المراهقين.. فالمجموعة القصصية التي تحمل اسم غرفة الإنعاش فيها الغث وفيها السمين وكنا نأمل أن تظل الفكرة والقيمة هي المحرك الأساسي دون اللجوء الى سب الدين ومعصية المولى سبحانه وتعالى.. «فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» صدق الله العظيم.