مذكرات عانس
مصريات – دينا سامي: لمحت الرعب في عينيها وهي لاتزال واقفة أمام المرآة.. شعرت برجفة شديدة وهي تردد كلمة عانس.. هل هي فعلا أصبحت عانسا.. رد صوت من داخلها.. نعم انت عانس ويجب ان تسرعي بالزواج.. وقبل ان تفيق فتحت امها باب الحجرة وكأنها شعرت بما يدور في خاطر ابنتها فطرقت على الحديد وهو ساخن كما يقولون.
اقنعتها ان الرجل المتقدم وان كان أكبر منها فهو يملك المال ويمتلك البيت الكبير وفوق كل هذا سيدفع مهرا كبيرا ينقذ اسرتها من الفقر.
وطلبت منها ان تستعد لاستقباله في المساء لتعلن رأيها..
وعندما أقبل المساء ارتدت ثوبا جميلا بألوان زاهية زاد من رشاقتها وجمالها.. ووقفت طويلا امام المرآة تتزين وتتجمل وهي شاردة لاتدري هل توافق أم ترفض.. واذا رفضت ستحمل لقب العانس عن جدارة.
ارتعد جسمها وانتهت من زينتها بسرعة وقد قررت ان توافق على العريس.. دخلت امها الحجرة وزغروتة الفرحة في عينيها وهي تشاهد ابنتها في أجمل ثيابها وزينتها فهذا دليل على انها توافق على العريس..
طلبت من امها ان تمهلها قليلا في حجرتها.. وجلست تفكر مرة اخرى وقبل ان تقرر الرفض أو القبول فوجئت شقيقتها التي تصغرها بسبعة اعوام تدخل الحجرة وهي تحمل طفلها الوليد وهو ثالث أطفالها واخذت تحثها على الخروج لمقابلة العريس.
نظرت الى شقيقتها طويلا انها ليست جميلة مثلها ولكنها تزوجت قبلها بسنوات وانجبت ثلاثة أطفال وتعيش سعيدة مع زوجها وأطفالها.. وقررت ان تحسم الأمر وتوافق.
خرجت مسرعة من حجرتها بصحبة شقيقتها وكأنها تخشي ان يفوتها القطار.. وقف العريس لمصافحتها وابتسامته تملأ وجهه.. نظرت اليه فوجدته وسيما رغم ان عمره 65 عاما.. جذبتها ابتسامته العريضة والطيبة والرقة التي بدا عليها.. تحادثا طويلا وفي النهية اعلنت موافقتها.
انطلقت الزغاريد وامتلأ البيت الصغير بالأهل والأقارب للتهنئة.. وخلال اسابيع قليلة تم كل شيء وانتقلت الى بيت زوجها.. البيت الكبير الذي طالما حلمت به.. ولكن منذ الليلة الأولى اكتشفت الحقيقة المرة.. فلم يستطع عريسها الدخول بها.. وتوالت الليالي وهي تعاني من عجزه.. وحتى بعد ان دخل بها لم تشعر بمتعة.. فهو انسان مريض.. عاجز لا يستطيع اسعادها.. وكل ليلة تهيئ له الجو المناسب وتعد العشاء الفاخر وترتدي كل ما يبرز جمالها وانوثتها ويثير أكثر الرجال شيبا ولكن في النهاية سقط بجوارها متعبا ليستطيع ان يشعرها بأنها زوجة أو حتى انثي. ملت حياتها مع زوج عاجز مريض.. فهي مازالت شابة تحتاج الى الحب والحنان.. تحتاج ان يضمها زوجها بين ذراعيه ليشعرها بالسعادة.. ولكن هذا لن يحدث. فعلاقة الزوجية بينهما لا وجود لها وان حدث فكأن الزوج يؤدي واجبا ثقيلا لم يستعد له ولا يعرف كيف يؤديه..وفي احدى الليالي شعرت انه بدأ يقترب منها فقد غمرها بحب لم تتعوده منه واخذ يتغزل في جمالها ومحاسنها.. وطلب منها ارتداء قيمصا للنوم يحب لونه ويزيد من جمالها في عينيه.. شعرت بالفرحة وارتدت أحلي ما عندها.. تزينت.. وتعطرت وكأنها عروس في ليلة عرسها.. اسرع يحتويها بين ذراعيه ويقبلها ولكنه فجأة وكعادته دائما انتهي من مهمته سريعا دون ان تشعر بي سعادة.. وكأنه ينتهي من مهمة يحب ان يؤديها.. لم تشعر بنفسها الا وهي تنهض من فراشها وهي تلعن اليوم الذي وافقت فيه على الزواج من رجل في عمر ابيها.. عيرته بعجزه فغضب وانهال عليها ضربا وركلا حتى اصابها بجروح وكدمات..لم تستطع ان تتحمل.. الا يكفيه عجزه وعذابها منذ زواجهما.. فيعذبها بالضرب.
قررت ان تترك له كل شيء وترحل من بيته.. جمعت ملابسها وانطلقت الى بيت اسرتها ولم تستمع لتوسلاته بأن تظل معه.. شعرت نحوه بكراهية شديدة ولم تعد تحتمل ان تري وجهه فتتذكر عجزه وحياتها المعذبة معه ولكن الأب اقنعها بالعودة فهي لا مكان لها الا في بيت زوجها..
اصطحبتها امها في الصباح وعادت وهي مغلوبة على امرها وكأنها حيوان يسوقونه للذبح ولكن المفاجأة انها لم تستطع فتح الباب بمفتاحها.
وعندما فتح لهما الزوج وجدت البيت خاليا من الآثات وكأنه تخلص من كل ما يذكره بها وبعجزه.. اتهمته بالتبديد والضرب.. وأكد الشهود الجيران والأهل انه ضربها ضربا مبرحا واصابها بجروح وكدمات..
فقرر رئيس المحكمة حبس الزوج سنة بتهمة التبديد في منقولات زوجته وحبسه شهرا بتهمة ضرب زوجته.. وخرجت هي من القاعة الى بيت والدها وقد احست انها تقترب من لقب مطلقة.. فربما يكون هذا أفضل لديها من لقب عانس.