قطار العياط
تحقيق وتفاصيل جديدة و مثيرة عن حادث قطار
تحقيق : محمدهاشم ــ محمد كمال ــ وائل فؤاد ــ شريف عبد الله ــ محمود هلال
لم يكن الحادث الأول.. وليس هناك ما يشير الي انه سيكون الحادث الأخير!
كارثة بكل المقاييس.. مصيبة متكررة.. تصادم قطارين في خط الصعيد.. عشرات القتلي والمصابين.. دموع.. أحزان.. خراب بيوت.. ولا جديد تحت الشمس، فالمأساة قديمة، جديدة، ومتكررة ولا أحد غير الله يعلم كيف ومتي نتخلص منها وتصبح ذكري!
.. لكننا ومن هذا المكان.. نحذر من أن يمر هذا الحادث مرور الكرام، وان يشتعل الحماس يومين أو ثلاثة ثم يفتر وينزوي الحادث في زاوية من زوايا النسيان.. نحذر أن يكون مصيره مثل ما سبقه من كوارث!
المسئول في هذا الحادث ليس متهما واحدا كما تنتهي التحقيقات دائما، لكن يهمنا من بين هؤلاء المتهمين هذا المتهم الرئيسي في كل الكوارث والذي يطل علينا بوجهه القبيح دائما معلنا انه الاهمال والتسيب واللامبالاة، متحديا أن يجعل قوة جبارة تواجهه وتقضي عليه.
كل ما نرجوه ألا يغلق هذا الملف مثل غيره.. وان ينتبه الجميع وأن يجعلوا من هذا الملف بداية للتصحيح وانهاء اسطورة حوادث القطارات التي أصبحنا ننفرد بها رغم اننا من أوائل الدول التي ادخلت السكك الحديدية الى شبكة مواصلاتها.
نرجو أن يبدأ التحقيق فورا.. وأن تعلن نتائجه فورا وعلى الملأ.. وان يحال المتهمون الي القضاء لينالوا القصاص العادل.
..لكن قبل هذا وذاك يريد الرأي العام ان يعرف كيف تسير الأمور داخل هذا المرفق الحيوي الهام.. ولماذا لايستخدم اللاسلكي بين سائقي القطارات والمسئولين عن المزلقانات.. ولماذا لاتشكل لجنة تفتح ملفات وأسراد هذه الحوادث، خاصة وان نفس الحادث يتكرر في نفس المكان في أكثر من محافظة وأكثر من مناسبة؟!
الكارثة.. لن يحلها الكلام..
المصيبة.. لن ترحل بالشعارات.
المطلوب وقفة حاسمة وحازمة والتحقيق في كل جزئية من جزئيات هذا الحادث، خاصة وسائل الانقاذ!
ارحموا ركاب القطارات، يرحمكم الله.
وهذا الملف نرجو ان يكون بداية ثورة التغيير داخل هيئة سكك الموت الحديدية!
»جاموسة« عم صابر والاهمال.. سبب الكارثة
صابر:حاولت اللحاق بها.. ولكن القطار كان أسرع مني
كعادته دائما كان المواطن العادي ورجل الشارع البسيط هو بطل المأساة.. اقتحم المزارعون الأنقاض وصنعوا الجسور ليعبروا بالجثث والمصابين فوق الترعة الي الشاطيء الأخير.. لم يكن هناك منقذ سوي العناية الإلهية ومن بعدها أيادي المواطنين الأبطال وقلوبهم المحبة لهذا الوطن..
عشرات الحالات الانسانية سجلناها بالكلمة والصورة.. قصة الجاموسة التي تسببت في الحادث ومن هو صاحبها وكيف كان ما كان بهذه البشاعة؟!.. المصابون تكلموا.. وعائلات الضحايا كانوا معنا بكل الحزن والدموع.. وتابعنا أخبار التحقيقات لحظة بلحظة.. وكان هذا التحقيق.
التقينا بصاحب الجاموسة واسمه صابر وهو يعمل مزارعا بكفر جرزا ليروي لنا كيف وقعت المأساة.. وكيف شاهدها وهي تهرول وراء ابنه قال الرجل الذي أصبح بطلا لكارثة مدوية:
أعمل مزارعا أبا عن جد.. ولدي قطعة أرض خلف السكة الحديد.. وبطبيعة عملي أسير كل يوم عبر شريط السكة الحديد.. فقط منذ أربع شهور اشتريت قطعة أرض بجوار حرم القطار وعملتها كحظيرة للمواشي حتى لا أسير بها كل يوم على شريط السكة الحديد وأعرض نفسي والمواشي للخطر خاصة في كل يوم كان يتزامن سيري مع مرور قطار واضطر أن أنتظر وأنا خايف خشية أن تفلت مني رأس ماشية كما حدث يوم الحادث!
الجاموسة هربت!
واستطرد صابر كلامه متأثرا.. قائلا: في هذا اليوم المشئوم خرجت من منزلي في تمام الخامسة صباحا.. ذهبت الي الأرض التي أقوم بزراعتها.. وأخرج الماشية لتسير في الحقل وبدأ يومي طبيعي حتى اقتربت الساعة من الخامسة مساء.. انتهيت من عملي وقمت بربط قطعان الماشية داخل الحظيرة إلا أن الجاموسة سبب المأساة لم أقم بربطها عندما أخبرني ابني بشيء جعلني لا أنتبه أنني لم أقم بربطها بصورة جيدة وبعد أن انصرفت من الحظيرة عائدا الي منزلي وقبل أن أعبر شريط السكة الحديد نظرت خلفي لأجد »الجاموسة« قد قامت بفك الحبل المربوطة به وتحاول الهرب الي شريط السكة الحديد.. حاولت أن ألحقها حتى لا تحدث كارثة خاصة وأنا أشاهد قطارا قادما من الخلف وحاول سائقه أن يهدأ من سرعته لكنه لم يستطع ودهس »الجاموسة« تحت عجلاته.. نزل السائق من القطار.. حاول أن يذهب الي عامل السيمافور ليخبره أنه توقف وعليه أن يخبر السائق القادم خلفه والمتجه الي أسيوط.. إلا أن العامل لم يكن متواجدا لأجد أمامي القطار قادما من بعيد وهو مندفع بسرعته بل تعدي السرعة المقررة.. حاولت أن أشير بيدي للسائق حتى يتوقف.. لكن لم يتمكن من ذلك وفجأة شاهدت ارتطاما قويا بالقطار الذي يقف!.. أصبت بالهلع والخوف وأسرعت أخبر رجال الشرطة وأنا لازلت مرعوب مما حدث!
سيناريو الحادث
وكانت البداية عندما كان القطار رقم »٢٥١« القادم من المنيب الي الواسطي ببني سويف فشاهد أمامه »جاموسة« ظهرت فجأة على الطريق.. على الفور حاول السائق أن يوقف القطار لكنه لم يستطع إلا بعد أن دهسها تحت عجلات القطار.. توقف القطار لمدة ٠٢ دقيقة حاول فيها السائق أن يتفادي قدوم القطار رقم ٨٨١ القادم من محطة رمسيس الي أسيوط والذي اقترب موعده ليسير في نفس الاتجاه حاول السائق أن يتصل بزميله في القطار الآخر عن طريق الاشارات اللاسلكية وبمساعدة الأهالي إلا أنه لم يستطع وجاء القطار المتجه الي أسيوط ليصطدم بالقطار الواقف بمنطقة جرزا وتحدث الكارثة.
عمدة قرية »جرزا«:
الجاموسة التي تسببت في الكارثة كشفت السلبيات !
كل هذا حدث في لحظات بعد أن توقف القطار المتجه الي الفيوم فجأة بسبب جاموسة!
> السائق يكتشف أن الاشارات اللاسلكية معطلة وبالتالي فشل في أن ينبه زميله سائق القطار الآتي من الخلف على نفس الخط!
> لم يراع سائق القطار المتجه الى أسيوط أن يخفف من سرعته التي تعدت ٠١١ كيلو مترا ت في الساعة – رغم أنه يعلم انه يقترب من منطقة سكنية!
> تكررت حوادث القطارات كثيرا في هذه المنطقة بالتحديد!
> السيمافور الموجود عند المزلقان لا يعمل – كالعادة!
فطبيعي بعد كل هذه التجاوزات ان يقع الحادث البشع!
بهذه العبارات تحدث معنا بكل وضوح وصراحة عمدة قرية »جرزا« – الذي كان يجلس أمام منزله المواجه مباشرة لمسرح الحادث وشاهد تفاصيله لحظة بلحظة!
قبل وقوع الحادث بلحظات كان الحاج محمود عبدالقوي عمدة كفر جرزا يجلس أمام منزله المواجهة مباشرة لمكان الحادث المروع.. وكما ذكر على لسانه أنه:
»شاهد القطار القادم من المنيب الي الواسطي محافظة بني سويف في الموعد المحدد له كل يوم في تمام الساعة السادسة و٥٤ دقيقة مساء الا انه وقبل مروره بالمزلقان كان هناك مزارع يسير بالماشية إلا أن جاموسة اخترقت الطريق وسارت وحدها بسرعة تجاه شريط القطار وتوقفت حين شاهدت القطار قادما بسرعة حاول السائق تهدئة سرعته المعتادة إلا انه قام بدهسها وتوقف تماما.. نزل سائق القطار واسمه »عيد« حاول ان يقوم بمساعدة الاهالي في نقل الجاموسة بعيدا عن شريط القطار لكنه عجز عن ذلك بعد أن التصق جسد الجاموسة بقضبان السكة الحديد.. فما كان من سائق القطار إلا أن اسرع الي محطة الارسال محاولا أن يخطر القطار القادم من الخلف أن يهديء من سرعته حتى لا تحدث كارثة الا انه لم يستطع لإنقطاع الإرسال في هذا الوقت!
الموت قادم!
ويمضي عمدة القرية في كلامه قائلا: كل هذا ونحن نحاول أن نمنع الكارثة قبل أن تقع حتى شاهدت عن بعد القطار السريع القادم من القاهرة الي أسيوط حاولنا ان نضيء له اشارات التنبيه الخاصة نحذره من أن هناك قطارا متوقفا على نفس الخط إلا أن القطار كان يسير بسرعة رغم انه من المعتاد أن يهديء من سرعته كلما اقترب من منطقة سكنية! هي لحظات حتى اصبح القطار القادم من القاهرة على نفس القضبان ووقعت الكارثة.. التي كانت ابشع عما توصف بالكلمات.. حاولنا قدر المستطاع أن ننرك الركاب من القطار المتوقف.. بمساعدة الاهالي!
ويستطرد عمدة القرية.. قائلا:
اتصلنا بالشرطة والاسعاف ووصلت أكثر من ٠٨ سيارة اسعاف من محافظة بني سويف و٦ أكتوبر والجيزة خلال نصف ساعة بعد وقوع الحادث.. وقام أهالي القرية بانشاء جسر خشبي يربط بين الطريق وخط السكة الحديدية بمساعدة الشرطة والقوات المسلحة لانتشال الضحايا من داخل القطارين حتى استطعنا نقل المتوفين والمصابين الي عربات الاسعاف.
وانهي عمدة كفر جرزا حديثه قائلا: أن الحادث لم يكن الاول فهناك العديد من الحوادث وقعت في هذا المكان بالتحديد للسرعة الجنونية التي تسير بها القطارات.
في هذا المربع السكني.. طالبنا المسئولين أكثر من مرة بتوجيه سائقي القطارات بتهدئة السرعة في هذا المكان لكن بلا جدوي.. كذلك المزلقان المتواجد بعد مدخل القرية أكثر من مرة حدث عطل بالسيمافور وكادت أن تحدث كوارث لولا العناية الالهية.
شهود العيان يتحدثون عن..
ساعات الرعب في كفر جرزا!
> انشغال سائق القطار الأمامي بتخليص جسم الجاموسة منعه من التقاط إشارات برج المراقبة
> القطار الخلفي كان يسير بسرعة تزيد على سرعته المحددة بـ٠٢ كيلو مترا في الساعة
من يسمع عن الكارثة – أي كارثة – يختلف تماما عمن يشاهدها بعينيه ويعايشها بكل حواسه.. لذلك كانت مشاهدات شهود العيان لحادث التصادم بين قطاري العياط معبرة الي حد كبير عما حدث بالفعل على أرض الواقع ومختلفة تماما عن الأحاديث الباردة للسادة »المنظرين« الذين يجلسون على مقاعد وثيرة في استديوهات الفضائيات المكيفة.
»أخبار الحوادث« التقت مع عامل التحويلة وبعض الأهالي الذين أوجدتهم الصدفة في مكان الحادث وشاهدوا الحادث منذ بدايته وحتى نهايته وشاركوا في انتشال الضحايا من بين حطام القطارين.
يقول عامل التحويلة عطية السيد قبل وقوع الحادث بعشر دقائق تلقينا اشارة من القطار رقم ٢٥١ المتجه من الجيزة الي الفيوم قيادة وحيد كامل بتوقفه المفاجيء نتيجة قيامه بدهس جاموسة تصادف وجودها على قضبان السكة الحديد ولم يستطع التوقف فاستقرت الجاموسة تحت عجلات القطار وعلى الفور قام السائق بابلاغنا بالحادث وفي لحظة وقوف القطار نزل الركاب من القطار لمشاهدة ما حدث.. في هذه اللحظات كان القطار رقم ٨٨١ اكسبريس القاهرة قيادة أمير حليم كان في طريقه من القاهرة الي أسيوط وكان يسير على نفس الخط الذي يسير عليه القطار رقم ٢٥١.. فقمنا على الفور بإرسال اشارة الي القطار القادم من الخلف وكانت الأشارة خضراء فوصلت الينا معلومات أن القطار يسير على نفس سرعته فقمنا بإرسال الاشارة الصفراء ولما لم نجد استجابة رفعنا الأشارة الي الدرجة القصوي فكانت الاشارة حمراء فبدأ القطار في تقليل سرعته ولكن كانت سرعته فوق السرعة المقررة حيث إنه عندما بدأ يقلل من سرعته كان على سرعة ٠١١ ك/م في الساعة وبهذه السرعة فقد تجاوز السرعات المقررة حيث إن السرعة المحددة على هذا الخط هي ٠٩ ك/م في الساعة.. فحاولنا تغيير مسار القطار القادم من الخلف الي القضبان الموازية للقطار المتوقف ففوجئنا بإن هناك قطار قادم من الصعيد الي القاهرة.. وما هي إلا ثوان وكان القطار قد اصطدم بالقطار المتوقف وحطم العربة الأخيرة منه وحدثت الكارثة المتكررة لثالث مرة على التوالي في كفر جرزا في المنطقة الواقعة ما بين كفر عمار وكفر الرقة.. ويضيف عامل التحويلة أن الجاموسة المتسببة في الحادث لم تكن تمر من خلال المحطة أو المكان المخصص لعبور المشاة من على خط السكة الحديد وانما مرت من منطقة غير مخصصة للعبور في منطقة بعيدة عن المحطة وتصادف مرور الجاموسة مع مرور القطار.. وفي الثواني الأخيرة قبل التصادم كنا نعلم تمام العلم أنه سوف يحدث تصادم بين القطارين فقمنا بإرسال الاشارات الفورية الي القطار المتوقف بسرعة انزال الركاب حتى لا تحدث اصابات ولكن لم تكن هناك استجابة من قبل قائد القطار لانشغاله هو ومساعدوه في انتشال الجاموسة من تحت عجلات القطارات لتسهيل حركة مروره.. ولكن كان هناك العديد من الركاب الذين نزلوا من عربات القطار لمشاهدة حادث الجاموسة مما أدي الي تخفيف أعداد الضحايا بعد التصادم.. وما كان علينا إلا النزول مع الأهالي للمساعدة في انتشال الضحايا والمصابين ونقلهم بأقصي سرعة الي المستشفيات المجاورة لمكان الحادث الي حين وصول سيارات الاسعاف.
شهود العيان!
وتأكيدا لما جاء على لسان عامل التحويلة أيد شهود العيان ما قاله العامل وقالوا إنهم سمعوا صوتا مدويا فهرع الأهالي الي مصدر الصوت ففوجئوا بتصادم القطارين نتيجة لتوقف أحد القطارين واصطدم به الآخر من الخلف.. وسارعوا في عمليات الانقاذ وانتشال الجثث والمصابين.. كان من بين الأهالي النائب على السعودي والنائب أحمد الصاوي عضوا مجلس الشعب حيث قالا في تمام الساعة السادسة والنصف سمعنا صوت ارتطام شديد فهرعنا الي مكان الصوت وفوجئنا بالكارثة فقمنا على الفور بالاتصال بوحدات الاسعاف في جميع المحافظات المجاورة وبمديرية أمن ٦ أكتوبر وبمقر المحافظة واستعنا بكل وسائل المساعدة المتاحة في أسرع وقت لانقاذ الضحايا ويضيف على السعودي أن هذه الكارثة ليست الأولي في هذه المنطقة فهي تعتبر الثالثة والسبب في ذلك عدم وجود محطات متقاربة في المنطقة بين كفر عمار وكفر الرقة كما أن المزلقان الوحيد الفاصل في هذه المنطقة مغلق منذ فترة بزعم التجديدات ولكن لم يحدث فيه أي تغيير حتى الآن.. ويقول محمود حامد ٤٢ سنة مزارع: كنت أقوم بمتابعة الحصار في الأراضي المواجهة لمكان الحادث ولاحظت قدوم القطار القادم من الخلف في ظل توقف القطار الثاني وجاء في ذهني أن القطار القادم سوف يمر من القضبان الموازية للقطار المتوقف ولكن وجدته قد اصطدم بالقطار المتوقع بشدة وشعرت بإني في كابوس ولم أفق منه إلا وأنا أقوم بنزع جلبابي والهرولة ناحية القطارين لمساعدة الأهالي في انقاذ الركاب.. ويقول أحمد أبوالحسن ٠٣ سنة مزارع: كنت أجلس مع زملائي في الأرض وشاهدت القطار وهو يصطدم بالقطار الآخر وفي غمضة عين تجمع العديد من الأهالي حول القطارين وتوقفوا حتى استقرت حركة القطارين بعد التصادم وقاموا بعد ذلك بإنشاء الكباري على الترعة الفاصلة بين خط السكة الحديد والطريق السريع لسهولة توصيل المصابين والجثث الي الطريق العام لنقلها الي سيارات الاسعاف واحتشد الأهالي هاتفين »الله أكبر.. لا إله إلا الله محمد رسول الله« وقمنا بانتشال خمس جثث كانت في حالة يرثي لها.. وما هي إلا دقائق وتحولت المنطقة الي تجمهر عسكري وسط الآلاف من الأهالي الذين ساعدوا قوات الانقاذ في انتشال الجثث والمصابين.
المصابون:
كان بيننا وبين الموت لحظة واحدة!
داخل قسم الطواريء بمعهد ناصر كنا مع مصابي حادث القطارين.. كانت ترقد سوزان عطية »٢٢ عاما« على سريرها تبكي بحرقة شديدة.. ظننا انها تبكي من الألم والجروح التي اصابت وجهها الجميل.. لكن شقيقها ممدوح الذي كان يجلس بجانبها اخبرنا انها تبكي خوفا على والدتها الموجودة الآن بغرفة العمليات لاصابتها بخلع في مفصل الفخذ وكسر بالحوض.. ويقول ممدوح شقيق سوزان: أن والدته وشقيقته كانتا في القطار المنطلق من ضواحي الجيزة في الساعة ٠٣.٤ الي الفيوم وبين قريتي كفر عمار وجرزا توقف القطار لكنه لم يدخل على قضبان التخزين.. وفجأة انقلبت الدنيا من حولهما ولم يشعرا إلا وهما بالمستشفي.
زلزال!
على الجانب الآخر كان يرقد عاطف محمد »٢٥ عاما« الذي تحدث معنا بصعوبة بالغة.. قال وهو يتذكر اللحظات العصيبة التي مرت عليه وقت الحادث: كنت في العربة الرابعة لقطار الصعيد.. كانت الامور تسير بطريقة طبيعية جدا.. القطار يسير في طريقه.. وفجأة زلزلت الارض من تحت أقدامنا.. وتطايرنا داخل القطار مثل قصاصات الورق المتطايرة بالهواء.. واصطدمت أجسادنا ببعضنا البعض .. وانطفأت أنوار العربة وكأننا نعيش أحداث فيلم رعب.
الكابوس!
ووصف محمد جمعة يوسف »٦٣ عاما« ما حدث بالكابوس.. فقال لنا إنه ركب القطار المتجه للفيوم وفجأة توقف القطار بسبب اصطدامه بجاموسة تعبر السكة الحديد وتوقف القطار أكثر من ٠٢ دقيقة لنفاجأ بما حدث.. وكأننا في دنيا غير الدنيا.
انفجر زجاج نوافذ القطار.. وتطايرت المقاعد فوق رؤوسنا.. وبعد أن انتهت الاصوات المفزعة الناتجة عن الحادث.. حالة من السكون لم تستمر سوي لحظات معدودة.. وبعدها انطلق صراخ النساء لنشعر جميعا اننا في اللحظات الاخيرة من عمرنا وانها النهاية داخل هذه المقبرة المعدنية الكبيرة!
وفي النهاية التقينا بعبدالله قال: كان ضمن مصابي الحادث.. لكنه لم يكن داخل القطار وقت الكارثة.. قال لنا انه كان واقفا على الطريق السريع ليشاهد السيناريو من بدايته.. جاموس شارد يسير بمفرده وفجأة استقر على قضبان السكة الحديد.. ثم صوت فرملة قطار فوق جسد الجاموس ليوقف السائق القطار.. دقائق وسمعت صوت قطار الصعيد يأتي بسرعة من بعيد.. وقتها علمت أن كارثة محققة سوف تحدث.. المشهد كان مرعبا .. القطار المسرع يدخل بكل قوة في مؤخرة قطار الفيوم.. ليبتلع تحته عربتين من القطار الآخر.. انطلقت مع أهالي المكان لانقاذ الركاب.. وأثناء عمليات الانقاذ انزلقت قدمي لأسقط على قضيب السكة الحديد.. وبدلا من أن اساعد المصابين صرخت وطلبت المساعدة من الاهالي بعد ان اصبت بكسور في ذراعي الايمن.
وقبل أن نغادر المستشفي علمنا ان من ضمن الضحايا مساعد سائق قطار الفيوم.. اسمه الباباوي عياد اسحق »٠٤ عاما« حاولنا التحدث معه لكنه رفض باصرار.. بل وطالبنا بالخروج من غرفته لانه لا يريد التحدث مع أحد من شدة الصدمة التي تعرض لها!
حالة تأهب!
الدكتور بهاء مدير مستشفي معهد ناصر أكد أن معهد ناصر على أتم الاستعداد لاستقبال المصابين والتعامل معهم بفريق طبي متخصص في جميع التخصصات.. وعن حالة المصابين المتواجدين بالمستشفي حاليا أكد انهم جميعا تم تحديد اصاباتهم والآن استقرت حالتهم.. لكنهم سيظلون تحت الملاحظة ٤٢ ساعة تجنبا لظهور أي مضاعفات.
أما الدكتور محسن الاحمدي مدير الطواريء بالمستشفي فقد أكد أن المعهد استقبل ٧١ حالة.. اصابتهم بين ما بعد الارتجاج وكسور مختلفة بعظام الجسم وكدمات متفرقة واشتباهات بنزيف داخلي.. والتدخل الجراحي الوحيد كان لمصابة بكسر في الحوض وخلع بمفصل الفخذ
يا جماعه الحادثه دى فظيعه جدااااا انا من الواسطى جنب الحادث الناس فى مفرمه
بصراحه الواحد مش عارف يقول ايه غير حسبنا الله ونعم الوكيل فى اهمال المسؤلين والبقا لله لاهالى الضحايا وربنا يشفى الصابين