مصريات
كتب:محمد البسفي
بعد سنوات طويلة تزيد على خمسة عشر عاماً تقدم الأسبوع الماضي كمال زاخر الناشط القبطي والمنسق العام لتيار العلمانيين الأرثوذكس داخل الكنيسة المصرية باستقالة مسببة من حزب الوفد الجديد، ثلاثة أسباب حددها زاخر في استقالته التي تقدم بها الى الدكتور السيد البدوي رئيس الحزب يوم 16 أغسطس الجاري وهي على الترتيب: «زيارة رئيس الوفد لمقر الاخوان المسلمين، الصمت المطبق تجاه تصريحات الدكتورة سعاد صالح، واستنكار السيد البدوي رئيس حزب الوفد لأن يكون الحزب علمانياً».
وفي ذلك يقول كمال زاخر بأن شعارات حزب الوفد لم تكن وحدها هي التي قادت خطاه لمقر الحزب قبل سنوات طويلة للتعرف على كنهه والاقتراب من كوادره والانضمام لصفوفه، بل كانت قبلها سنوات النشأة ولحظات ولادته التاريخية من رحم الشارع التي صنعت وبحق ثورة 1919، وعندما بعث من جديد وجد التفافاً شعبياً رغم سنوات الغياب القصري. وتأكدت مبادئ حزب الوفد من جديد في 2010، في انتقال السلطة داخله بشكل متحضر في تفعيل معلم من معالم الديمقراطية داخله، وسبقها عبر الفضائيات تلك المناظرة غير المسبوقة في الشارع السياسي والتي جرت بين قطبين وفديين لهما حضورهما وثقلهما عند الوفديين وفي قمة الهرم الوفدي الدكتور السيد البدوي والدكتور محمود اباظة، قدما معاً فيها حواراً راقياً اختلفا وتعارضا دون أن يلجأ أحدهما الى مفردات «الردح السياسي» التي اقتحمت أدبيات الحوار العام وصارت واحدة من أبرز مفرداته ثم جاءت الجمعية العمومية للوفد لتعيد الاعتبار للممارسة الديمقراطية كامتداد طبيعي لموروث أكدته مسيرة الحزب التاريخية.
وفي سياق أسباب استقالته يستطرد كمال زاخر قائلاً: إن زيارة الدكتور السيد البدوي لمقر جماعة الاخوان المسلمين في يوم 25 يوليو الماضي وبرفقته الدكتور على السلمي والمستشار بهاء الدين أبوشقة المسشار السياسي لرئيس الحزب وفؤاد بدراوي نائب رئيس حزب الوفد في سياق رسمي من الحزب ولم تظهر لي – بأي حال من الأحوال – بأنها جاءت في شكل شخصي وفي سياق تبريرها قيل إنها زيارة بروتوكولية تأتي رداً على زيارة المرشد العام للجماعة للحزب مهنئاً بفوز د. السيد البدوي، قال آخرون «إنها تحمل أبعاداً سياسية وتستهدف الضغط على النظام لتوفير ضمانات لنزاهة انتخابات مجلس الشعب القادمة ».
فيما رأي أحد أقطاب الحزب الناصري أنها زيارة تؤكد حرص البدوي على التواصل مع القوي السياسية، بينما يراها البعض تكراراً لتحالفات بين الأحزاب في الغرب رغم تناقضاتها الأيديولوجية في فترات الانتخابات لخلق كتل ضاغطة في مواجهة الحزب الحاكم، متناسين أنها تحالفات بين كيانات سياسية شرعية، وليست مع جماعات تعمل بغير غطاء قانوني.
وقال البعض إنها زيارة لدعوة الاخوان المسلمين للمشاركة في المؤتمر الذي ينوي الوفد عقده لمناقشة وجوبية توفر ضمانات لنزاهة العملية الانتخابية، ورغم ذلك لم تلتفت الجماعة للدعوة ولم تشارك في المؤتمر في تصرف استعلائي كان بمثابة اللطمة على وجه الوفد.
وانتقل كمال زاخر الى نقطة أخرى في أسباب استقالته وجدها دليلاً لتغلغل وتسرب الفكر الوهابي الغبي – على حد قوله – لحزب بني وتأسس على الفكر الليبرالى الحر، والدليل الذي يسوقه زاخر في ذلك التصريح الذي أدليت به الدكتورة سعاد صالح أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر والتي انضمت مؤخراً لـ حزب الوفد بعد أن رأت الصورة الحضارية التي خرجت بها انتخابات رئاسة الحزب، ففضلت استخدام طاقتها الدعوية من خلال لجنة الشئون الدينية والمرأة في الحزب بهدف التحرك في الشارع بين الناس، معربة عن أملها في أن يصل حزب الوفد بعد مرحلة التكوين التي يمر بها الى أن يكون بيت الأمة بالفعل ويحقق الطموحات التي تمناها منه المواطن المصري بعد افتقادها لسنوات طويلة.
من جانبه أكد منير فخرى عبدالنور عضو الهيئة العامة لحزب الوفد بأن استقالة كمال زاخر موقف فردي وشخصي لا تمثل إلا نفسه ولا تعني بأي حال من الأحوال مساس سياسة الوفد للوحدة الوطنية التي هي من الدعائم الرئيسية لحزب الوفد منذ نشأته، ومع احترامي الكامل لاستقالة زاخر ودوره البارز في الحركة الوطنية والقبطية في المجتمع المصري فإن حيثيات استقالته لا تعني بأدني شك شكلاً ومضموناً روح الحزب أو سياساته المتماسكة بمرور الزمن!.
أرجو أن يكون حزب الوفد بكل المواقف التي تحدث منه وفيه عبرة ومثالا تقتدي به جميع الأحزاب السياسية من أجل مستقبل سياسي حر نستطيع من خلاله المرور من عنق الزجاجة في الأزمات التي تحيط بنا من كل اتجاه