مأمون فندي | دول حسن حسني
مصريات
بكل تأكيد، كلنا شاهد الممثل المصري حسن حسني على شاشات التلفزة والسينما مئات المرات، وهو غير فاروق حسني المرشح المصري لقيادة اليونسكو والذي فشل في الحصول على المنصب. «حسن حسني و فاروق حسني مش إخوات، دا مجرد تشابه أسماء»، على رأي المعلق الرياضي المصري محمد لطيف. حسن حسني ممثل مصري لا يكتمل أي فيلم مصري أو مسلسل تلفزيوني إلا بوجوده، ممثل منتشر في كل مكان، ولكن لا تتذكره بعد الفيلم أو المسلسل إلا إذا ظهر في فيلم آخر أو مسلسل آخر. ولكن ما علاقة ذلك بالدول، وكيف تكون الدول شبه حسن حسني؟ قرأت خبرا في الصحافة المصرية يلخص الحالة، ونصه كما يلي: «استأنف حسن حسني الثلاثاء الماضي تصوير مشاهده في مسلسل «امرأة في شق الثعبان» بعد إجازة استغرقت أسبوعا قام خلالها بمواصلة تصوير مشاهده في بعض الأعمال الأخرى منها «آخر الخط» و«هاي سكول»، و«شبه منحرف» وأعمال أخرى». أي في أسبوع الإجازة كان يصور في أربعة أو خمسة أعمال أخرى، حسن حسني مشغول طوال الوقت، «بيزي»، ومع ذلك قلما يذكره أحد، وكذلك بعض الدول عندنا مشغولة دائما بقضايا كبرى ولا يذكرها أحد.
في تصوري أن ما ينطبق على الأفلام عندنا أيضا ينطبق على الدول، فالدول شبه الأفلام، أو الدول أحيانا أفلام، فهناك دول كثيرة في منطقتنا العربية شبه حسن حسني، دول توجد في كل شيء وتدخل نفسها في كل فيلم، ولكن أيضا من دون أي نتيجة تذكر. ليس هذا وحسب، وإنما تعاني من حالة طاووسية تجعل البعض يظن أنه اللاعب أو النجم الرئيسي في فيلم الشرق الأوسط الطويل والممل. ولدينا أيضا دول شبه ملكات جمال لبنان، إذ أذكر أنني ذهبت إلى لبنان مرتين في حياتي، وكلما جلسنا في مطعم أو في عشاء خاص يشير أحدهم بأن السيدة الواقفة هناك على طرف الطاولة أو العجوز الجالسة إلى جوار زوجها الكهل، كانت يوما ما ملكة جمال لبنان. وكان معي في هذه السفرة صديق نابه قال لي: «في لبنان كل امرأة كانت ملكة جمال لبنان مرة واحدة على الأقل».
هكذا دولنا أيضا، رغم قلة الإنجازات، إلا أن بيننا من يتحمس لدولة فجأة، ويلقي علينا خطبة طويلة عن تاريخ تلك الدولة وعن إسهاماتها، فتحس أنها كانت ملكة جمال العرب يوما ما، دول فقيرة ومحرومة، اقتصاداتها المجتمعة لا تساوى اقتصاد أفقر دولة أوروبية، ومع ذلك فتصور على أنها دول لها وزن وتاريخ، لها تأثير على المعادلة العالمية، دول تتحرك كل يوم في الساحات الدولية والإقليمية، وتنافس على الريادة والقيادة، وأحيانا تدعي أنها هي البؤرة والصرة، وأن رئيسها «مفيش منه». ولكن المشكلة تكمن فيمن يعطلونه من القوى الكبرى، وأنه ضحية الضغط الأوروبي والأمريكي والصهيوني عليه وعلى دولته المتحركة في كل الفضاءات والموجودة في كل الأفلام الدولية! أسباب تخلف «دول حسن حسني»، ليس فشلا داخليا أو نقصا في الخبرات أو غيابا للمؤسسات أو فشلا وفسادا في الإدارة، الفشل دائما بسبب مؤامرات الغرب عليها والضغط الأمريكي والصهيوني. ولا غرابة أن يضيف المنادون بنظرية الضغط، أن هذه الدول المستهدفة دائما وأبدا هي أيضا ضحية الضغط الجوي.