مصريات – آخر الاخبار تكتبها سارة نجيب: بعد وقف الولايات المتحدة الامريكية التزامها تنفيذ معاهدة معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى عشية 1 فبراير/شباط، لم يتأخر رد موسكو وجاء حاسماً وفورياً وفي صباح اليوم التالي، حيث قررت روسيا الاتحادية وعلى لسان رئيسها فلاديمير بوتين، ايقاف العمل ايضاً بهذه المعاهدة، بل وزاد الرئيس الروسي على ذلك بقوله ان روسيا ستبدأ بتطوير صواريخ جديدة.
فهل العالم مقبل على سباق تسلح جديد يذكر بايام الحرب الباردة بين القوتين العظمتين آنذاك الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الامريكيية؟
وما هو مقصود بسباق التسلح ليس في مجال الاسلحة التقليدية فهذا السباق لم يتوقف يوماً، ولكن الخطورة هي سباق التسلح النووي والصورايخ الباليستية القادرة على حمل رؤوس نووية.
فيما يلي نستعرض بعض المعلومات واهم الاحداث التي سبقت ورافقت وقف العمل بالمعاهدة، لعلنا نجيب على هذا السؤال.
* ما هي اتفاقية الحد من الصواريخ؟
تم توقيع معاهدة الصواريخ المتوسطة والقصيرة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي في العام 1987. وبموجب هذه المعاهدة يحظر على الطرفين الموقعين اختبار وانتاج الصواريخ قصيرة المدى (من 500 إلى 1000 كيلومتر) وكذلك الصواريخ متوسطة المدى (من 1000 إلى 5500 كيلومتر) اضافة الى عدم تثبيت هذه الاخيرة على اليابسة.
كما تعهد الطرفان بتدمير أنظمة الصواريخ التي كانت موجودة حينها وتنطبق عليها بنود هذه الاتفاقية وذلك في غضون ثلاث سنوات بعد توقيع المعاهدة.
ونصت الاتفاقية ايضاً على انه بحالة الانسحاب منها يحق للطرفين العودة إلى تطوير وإنتاج مثل هذه الأسلحة، ولكن فقط بعد مضي 6 اشهر يحاول فيها الطرفان اعادة العمل بالمعاهدة او ادخال تعديلات عليها.
* ما هي اسباب تعليق العمل بهذه الاتفاقية من قبل الطرفين:
في خريف عام 2018 وجهت الولايات المتحدة الامريكية اتهاماً لروسيا حول انتهاكها شروط المعاهدة. وكان المعني بذلك هو الصاروخ الروسي 9M729، الذي ووفقا لما اوردته للولايات المتحدة، يتعدى مسافة الـ 500 كم التي نصت عليها المعاهدة. وردت روسيا على ذلك بقولها ان ذلك لا يخالف المعاهدة كون التجارب أجريت على مسافة أقل من 500 كيلومتر.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن واشنطن اتخذت موقفاً “حاداً ومدمراً” وغير مبرر، وأكد على ان أحد اهم أسباب انسحاب الولايات المتحدة من المعاهدة ليس روسيا، وانما وجود صواريخ أرضية قصيرة المدى ومتوسطة المدى في الدول الآسيوية مما يزعج امريكا وحلفاءها.
ودل لافروف على ذلك بقوله أن بولتون مستشار الرئيس الامريكي للسياسة الخارجية قالها بصراحة تامة إن الولايات المتحدة مهتمة بالدرجة الاولى لما يحدث في دول آسيا، حيث يودون (المقصود امريكا) التعويض عن النقص “غير العادل” حسب زعمهم في الأسلحة المتوسطة المدى والأقصر.
فيما بعد قامت روسيا والولايات المتحدة باجراء مفاوضات للحفاظ على المعاهدة، ولكنها منيت بالفشل حيث اصر كل طرف على موقفه السابق.
* ما الذي سيحدث بعد انتهاء العمل بهذه المعاهدة:
أعلن الرئيس الأمريكي ترامب عن رغبته في إبرام معاهدة جديدة افضل من سابقتها قائلاً :”آمل أن نكون قادرين على لم شمل الجميع في غرفة مفاوضات كبيرة وجميلة وإبرام عقد جديد سيكون أفضل بكثير من الحالي.
من جهته قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان روسيا ستترك الباب مفتوحا أمام المفاوضات، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ان روسيا لن تكون المبادرة لعقد هذه المباحثات، حيث طلب الرئيس بوتين من وزارة الدفاع ووزارة الخارجية “عدم المبادرة في إجراء مفاوضات حول هذه المسألة”.
وفي نفس السياق وعدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ببذل كل الجهود من اجل للاستفادة من فترة ال 6 اشهر التي تنص عليها الاتفاقية قبل الانسحاب النهائي للطرفين من المعاهدة، والحث على المفاوضات فيما بين روسيا وامريكا، وتعتزم فرنسا أيضا تشجيع الحوار مع روسيا حول المعاهدة وتقوم باجراء مشاورات مع الشركاء في الناتو.
في نفس الوقت توعد ترامب “بالمضي قدمًا في تطوير خيارات الرد العسكرية” وتابع ترامب قائلاً ان الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي جنباً إلى جنب مع الحلفاء يسعون لـ “حرمان روسيا من أي تفوق عسكري”.
اما روسيا فقد اعلنت اليوم انها تضع اللمسات الأخيرة على منصة اطلاق ارضية لصاروخ كاليبر (اقتصر تركيبه سابقاً على سفن البحرية فقط).
كذلك وافق رئيس روسيا الاتحادية فلاديمير بوتين على مقترحات وزير الدفاع شويجو في تطوير صاروخ “فوق صوتي أرضي متوسط المدى”.
يلاحظ مما سبق ذكره، ان سباق التسلح قد بدأ فعلياً، وانه لن توقع معاهدة جديدة بين الطرفين (في المدى المنظور على الاقل)، ولهذا اسباب كثيرة، لعل اهمها هو عدم قدرة ترامب على اقامة حوار فعلي مع موسكو، لانه يحاول قدر الامكان تجنب الموضوع الروسي في ظل الاتهامات التي يتعرض لها داخل الولايات المتحدة حول تعاونه مع روسيا ابان وبعد انتخابات الرئاسة التي فاز فيها.