مصريات
المسافة بين علموني عينيكي أول البومات محمد منير و بين البوم طعم البيوت اخر البوم له هي 21 عاماً بالتمام و الكمال..هذا عمر طويل تهلك فيه دول و تنهار فيه مؤسسات و يضيع في دروبه ناس و بشر ، فكيف فعلها إذن محمد منير و بقى هكذا كجذع نخلة عفية … عتية على الريح و السوس و العفرة ؟! فتش عن الدماغ راقب كيف كانت طلته الأولى على الناس بذهب الكلام ل عبد الرحيم منصور و سيد حجاب و النغم الطالع من أعمق أعماق طين مصر لـ”أحمد منيب ” و هاني شنودة فقط كوكتيل السحاب الرباعي هذا كان رفيقه في أول البوم له و أنت تعرف السر .
منير كان يحفر اسمه في وقت شديد الصعوبة – لاحظ أن سنة 1977 – شهدت عاصفة كبرى بزيارة الرئيس السادات إلى إسرائيل و تغير خريطة المزاج الفني و الثقافي المصرية بدرجة كبيرة – و لعل الله اختار له هذا التوقيت بالذات ليؤسس دنياه الخاصة و المتفردة و ليحفظ عبر صوته النادر و ذكاؤه الذي سيتجلى جزءا كبيرا من وجع و أحلام و أحزان و أفراح الوطن
في البومه الخامس برئ عام 1985 بدأ محمد منير في تطريز تفاصيل عالم غنا مصري جديد تماماً عندما كان توزيع كل أغاني الالبوم لفرقة يحيى خليل – و هي تلك الفرقة التي ستنطلق في عالم الموسيقى الخالصة فيما بعد- كما قدم لأول مرة في جيله المعاصر أغنية تعتمد موسيقاها على التراث و هي الحياة للحياة التجربة كانت طازجة و فيها رائحة و مفاجأة الندى و حققت تجاوبا وقتها اثبت ذكاء منير الذي أدرك أن عليه أن يقيم بناءه الخاص انطلاقا من هذه النقطة و هي الاستفادة من التراث و الفلكلور بعدما كان واضحا منذ البداية أنه لا يستند الى الكلام المعتاد المكرر الذي يتحدث عن لوعة الحبيب الذي فر منه معشوقه ، و إنما يختار الزمرد و المختلف و العميق من الكلام معتمدا على عتاولة كـ” سيد حجاب” و ” فؤاد حداد” و “مجدي نجيب” و غيرهم من الكبار في وقت انفجرت فيه قنبلة ( لولاكي لولا لولا!)
المشكلة التي كان على الملك محمد منير أن يواجهها هي تغيير ذوق المستمعين الذين تلوثت إذانهم بكل ما هو ركيك و هذا حمل صعب قد ينوء به جبل المقطم ، لإن هذا معناه أنك قد تستمر في مشوارك لفترة مع جمهور محدد و أنت تدرك أن واجبك هو اجتذاب الباقين ، … هكذا الخليط إذن صبر نادر ، و ذكاء لافت في اختيار الكلمة و اللحن اللذين يجتذبان الجمهور العاجي ليتحول إلى جمهور مثقف غنائيا و هذا يتطلب قدرة فائقة على التنوع بين العميق دون كلكعة و البسيط دون خفة و عدم التعالي على خلق الله و يتطلب أيضا ثقة في النفس و أنت ترى معظم أبناء جيلك الموهوبين يتساقطون و يتوارون خلف الآسوار لتصبح وحدك في المهمة المستحيلة .. و هكذا جنى محمد منير حصيلة كل هذا في منتصف التسعينات ليضرب المثل في الكفاح المخلوط بالذكاء و ليتحول من أيقونة خاصة بالذواقة إلى مؤشر على ذوق مصر الغنائي كله .. يعلو إذا شدى و يهبط اذا غاب.
محمد هشام عبيه
اغنية يونس محمد منير مع محمد رحيم
أول ألبوم علمونى عنيكى
أول البوم لمنير هو بنتولد مش علموني عينيكي ود كان سنة 77 يعنى المسافة بين أول شريط واخر شيط 31 سنة مش 21