مصريات
لأنه »ابن بلد« و يحب الناس.. أحبه الناس، و أدخلوه إلي قلوبهم بسرعة، ليتصدر خلال فترة قصيرة من عمله كمقدم برامج المشهد الإعلامي المصري، بل و العربي.
هو الإعلامي محمود سعد، الذي يتسلح في مواجهة الشاشة والكاميرا بحضور خاص، و خبرة صحفية طويلة، و جرأة وتلقائية ميزته دائما عن الآخرين.
التقيناه بفيلته بحي الشيخ زايد.. استقبلنا بابتسامته الشهيرة، وبجلباب أبيض، وكان ينتظرنا وسط مجموعة كبيرة من أصدقائه.. أبناء حي المنيرة، فمحمود سعد، لم يفارق منذ بداية حياته العملية كصحفي في مجلة صباح الخير الناس البسطاء.. أهله و جيرانه في حي المنيرة بالسيدة زينب.. يجالسهم، ويستمع إليهم، ويسارع إلي تقديم أي خدمة يحتاجون إليها.. حي المنيرة هو المفتاح الحقيقي لشخصية محمود سعد.. حتي عندما انتقل منه ليسكن حي الشيخ زايد كان أهالي المنيرة ضيوفا دائمين عنده.. أو أصحاب بيت كما يقول هو عنهم.
< سألناه في البداية.. منذ متي بدأ يداعبك حلم الصحافة؟
ـ أجاب : منذ الصغر، وبالتحديد عندما كنت في المرحلة الإعدادية، فقد كانت أمي موظفة في مجلة روز اليوسف، وعندما كنت أنتهي من يومي في المدرسة، كنت أذهب إلي أمي في عملها، حيث كنا نقيم في حي المنيرة القريب من مبني المؤسسة، وهناك، كنت أري عمالقة الصحفيين والكتاب.. صلاح جاهين وصلاح حافظ وإحسان عبدالقدوس وحسن فؤاد وأحمد عبدالمعطي حجازي، وغيرهم، وكنت أنظر إليهم بإعجاب شديد، وأتمني أن أكون مثلهم.
ورغم أن أمي كانت موظفة بسيطة في مؤسسة روز اليوسف، إلا أنها كان لها نشاط سياسي، فيما كان يسمي وقتها بالتنظيم الطليعي في الاتحاد الاشتراكي، وكانت تحب القراءة جدا، وتناقشنا في السياسة، أما جدتي لأمي، قد تزوجت مرتين، وكان زوجها الثاني الذي أعتبره جدي، هو أحمد حسن الذي شارك الكاتبة الكبيرة روز اليوسف في تأسيس المجلة.
< إذاً كيف بدأت علاقتك الفعلية بالصحافة، ومتي بدأت العمل الصحفي؟
ـ كانت تربطني علاقة قوية بالكاتب الصحفي لويس جريس، وكان يعرف أنني أريد أن أصبح صحفيا، فنصحني بالالتحاق بكلية الآداب، وبالفعل دخلت كلية الآداب قسم تاريخ، وعندما تخرجت فيها عام 1978، ذهبت للأستاذ لويس جريس، والتحقت فورا بالعمل في مجلة صباح الخير، وظللت صحفيا تحت التمرين لمدة 4 سنوات، إلي أن تم تعييني في مارس 1981.
< هل تذكر أول موضوع صحفي نشر لك وتعتبره البداية الحقيقية في مشوارك؟
ـ أذكر أنه كان لي موضوع عن المطرب الراحل عبد المطلب وكان هذا الموضوع سبب اكتشاف الأستاذ لويس جريس لموهبتي الصحفية، عام 1980، وكتبت هذا الموضوع بشكل اجتماعي أقرب منه إلي الفن، لأنه كان عبارة عن تحقيق وأشرت في هذا التحقيق للحظة وفاة الفنان عبد المطلب، وكيف كان يعيش حياته.
وأريد أن أقول شيئا فأنا قبل أن أتخصص في الفن كنت أعمل في قسم التحقيقات.
< اذاً كيف التحقت بقسم الفن؟
ـ بعد تعييني بفترة قصيرة أراد الأستاذ رؤوف توفيق أن يؤسس قسما للفن في المجلة واختارني رغم عدم معرفتي الشخصية به فأنا لم أخطط لذلك.
< وهل لم تخطط أيضا للعمل كمذيع؟
ـ أنا لم أفكر.. ولم أكن أحلم بأنني سوف أكون مذيعا في التليفزيون وأريد أن أقول لك بصراحة أنا لا أحب الكاميرا.. ولم أحبها طوالي حياتي، حتي هذه اللحظة.
< هل يرجع ذلك لشعورك بالرهبة منها؟
ـ بالعكس أنا لا أشعر بالرهبة أمام الكاميرا، ولكني لا أحب أن أتحدث مع جماد وأحيانا أكون مضطرا لذلك وأنا كلامي قليل جدا مع الكاميرا ولا أسترسل كثيرا.
< ماذا لو لم تكن صحفيا؟
ـ لو لم أكن صحفيا لوددت أن أكون مدرسا للتاريخ، فمنه تؤخذ كل العبر والمواعظ والحكم والقيم النبيلة وأنا دائما أنصح الشباب والفتيات بقراءة التاريخ وأن ينظروا للجانب الإيجابي فيه.
< بماذا أفادتك دراستك للتاريخ في حياتك بوجه عام؟
ـ دراستي أفادتني بدون شك.. علي الأقل جعلتني لا أندهش من أي موقف أتعرض له، أو أسمعه.. علي سبيل المثال إذا قيل إن هناك »أخا قتل أخاه« فذلك بالنسبة لي عادي جدا لأنني أعلم أنه موجود منذ بدء الخليقة.
< معني ذلك أنك لاتشعر ولا تتأثر بما يحدث حولك؟
ـ بالطبع أتأثر لكني لا أصدم وعلي فكرة أنا إنسان حساس جدا.
< ماذا تعني لك الشهرة والنجومية وكيف تتعامل معها؟
ـ الشهرة والنجومية وهم يعيش فيه البعض.. الحياة أعمق من ذلك وأسهل وأجمل بكثير ولابد أن نعيش الشهرة بأخلاق وقيم نبيلة ومساعدة الآخرين، وأن يكون لدينا أصالة وجدعنة ولاد البلد. والشهرة لم أتوقعها وأتعامل معها بصورة طبيعية وأنا علي كل حال لا أعرف عن الشهرة الكثير لأنني تقريبا من منزلي إلي العمل والعكس.
< الصحافة والتليفزيون محطات حققت من خلالهما الشهرة لماذا اتجهت للإذاعة مؤخرا؟
ـ بصراحة أنا عاشق للإذاعة، وأفتقد الكثير من جمهور الإذاعة.. فهناك أشخاص ليس لديهم وقت لمشاهدة التليفزيون وأنا قلت »ألقط« المستمع في فترة الظهيرة أثناء ذهابه للعمل وألاغيه شوية والقبول في النهاية من عند ربنا.
< »اسمع الخبر« هو اسم البرنامج الإذاعي الذي تقدمه هل كان فكرتك؟
ـ البرنامج فكرة مشتركة بيني وبين المنتج وزملائي المعدين ولكن اسم البرنامج لم أشارك فيه.
< ألا تعتقد أن هناك شبها بين برنامج الفنان فؤاد المهندس »كلمتين وبس« والبرنامج الإذاعي الذي تقدمه؟
ـ أثناء تجهيزنا للبرنامج كان في ذهننا برنامج »كلمتين وبس« للراحل فؤاد المهندس. لكن لا يوجد تشابه إطلاقا فبرنامج الفنان فؤاد المهندس كانت مدته دقيقتين والبرنامج الذي أقدمه مدته خمس دقائق. ثانيا الأستاذ المهندس مع الأستاذ أحمد بهجت المؤلف كانا يصنعان مادة ساخرة عن سلوكيات الناس وأنا أتحدث عن الوضع العام والحكومة بشكل ساخر، ولكن إذا الناس قارنت البرنامج ببرنامج الفنان فؤاد المهندس ولم يعجبهم نفكر في فكرة برنامج أخري وعلي كل حال يجوز أن يكون هناك شبه في الإطار العام لكن مضمونه مختلف.
< ألا تفكر في أن تضيف »كلمتين وبس« إلي »اسمع الخبر«؟
ـ لم لا.. قد يحدث في هذا المستقبل.
< هل تعتقد أنك حققت نجاحا في الإذاعة مثلما حققت النجاح في مجال الصحافة والتليفزيون؟
ـ الإذاعة تحتاج إلي وقت طويل لكي تصل إلي الناس و»اسمع الخبر« مازال وليدا وفي مرحلة التجربة وقد حددت لنفسي 6 أشهر في إذاعة الشرق الأوسط التي يذاع عليها البرنامج لقياس نجاح البرنامج وسأواصل تقديم البرنامج إلي نهاية شهر رمضان القادم وخلال هذه الفترة سوف أقرر الاستمرار أم لا، بعد سماع آراء من أثق فيهم وتعليقات الجمهور.
< هل صحيح أنك لاتحب أن ينتقدك أحد؟
ـ بالعكس أنا صدري رحب جدا وأتقبل النقد بسلاسة، وسأحكي لك موقفا حدث معي، وكنت ذاهبا إلي »جدة« وأثناء وجودي في المطار هناك استقبلني الناس بترحاب شديد لكن أحد الحاضرين ناداني فتوقعت أنه سوف يلقي عليّ التحية كما فعل الباقون، لكنني فوجئت به يقول لي »إيه الزفت اللي انت بتعمله في التليفزيون ده ما تعمل حاجة مفيدة« فقدمت فقرة دينية مع الشيخ خالد الجندي أسبوعيا.
< تردد أنه كان هناك اعتراض من المسئولين علي هذه الفقرة؟
ـ التليفزيون كان رافضا لتوقيت هذه الفقرة لأنه منذ إنشاء التليفزيون لم يتم عرض برنامج ديني ليلا، فمثلا برنامج نور علي نور كان توقيته بعد صلاة الجمعة.
< هل تري أنه يمكن استيعاب العدد الكبير من برامج التوك شو التي ظهرت في الفترة الأخيرة؟
ـ ليس هناك مانع أن يكون هناك أكثر من برنامج طالما أن الساحة تستوعب ذلك والتنوع مطلوب، فهناك من يرتاح لي وهناك من يرتاح لعمرو أديب وخيري رمضان وتامر أمين ومني الشاذلي وهذا شيء جيد فيه ثراء و أعتقد أنه للصالح العام .
< هل تري أن هذه البرامج تؤثر بشكل مباشر في خلق مناخ للتغيير؟
ـ هذه البرامج تساعد الناس علي معرفة مايحدث في البلد .. فكل الناس لاتجيد القراءة و هذه البرامج تساعد علي عمل حراك في المجتمع وتلقي الضوء علي المناطق السلبية ومساعدة المسئولين في اتخاذ اللازم لحل المشاكل.
< هل تضع لنفسك خطوطا رقابية في موضوعات معينة لايجوز الاقتراب منها؟
ـ أكيد بالطبع فهناك قضايا قومية وموضوعات الكلام فيها يحدث نوعا من الشائعات.
< هل تري أن هناك إعلاما حرا بوجه عام؟
ـ لا يوجد إعلام حر في العالم حتي الإعلام الأمريكي ليس حرا و الدليل علي ذلك عندما تحدث مشاغبات بالصواريخ بين حماس وإسرائيل فيلقي الإعلام هنا الضوء علي الصواريخ التي تطلقها حماس علي تل أبيب، و ليس العكس لأن الذي يوجهه يهودي.
< ما الشيء الذي يخيفك؟
ـ أنا لا أخاف من أحد .. ولكنني ممكن أخاف من الغدر لأنني مشاكس، وعلي مستوي آخر فأنا »بترعب« من الحشرات ولا أحب »الضلمة«.
< لكل منا نقطة ضعف فما هي نقطة ضعفك؟
ـ قلبي وأنا متردد جدا.
< إذا كان بينك وبين شخص ضغينة ما.. هل تتسامح؟
ـ أنا متسامح لأبعد حد، وأحيانا كنت أقابل أشخاصا بيني وبينهم مشاحنة لكنني كنت أنسي ذلك و أسلم عليهم وأتذكر بعد أن يذهب أنني كنت لا أتحدث معه ولكن لا أذكر ما سبب ذلك.
< ماهي أحلامك وطموحاتك؟
ـ ليس لديّ أحلام أو طموحات معينة، وأنا أخذت قرارا بيني وبين نفسي طوال ما أنا علي قيد الحياة سأظل أعمل بكل جهدي وطاقتي والنتائج علي ربنا. وأنا عندي 47 عاما كنت عضوا في مجلس إدارة روز اليوسف ورئيسا لقسم الفن وكنت راضيا تمام الرضا وكنت قد تصورت أن الحياة انتهت إلا أنني أصبحت رئيسا لتحرير الكواكب ثم أصبحت ما أنا عليه الآن.