مصريات – بقلم السيد العزاوي: بعد أن انفض مولد الثانوية العامة الذي يتكرر كل عام. نجد انه ترك خلفه الكثير من الآثار المرهقة التي كلفت أولياء الأمور متاعب نفسية ومادية جاءت على حساب اعباء أخري تلعب دورا مهما في حياة الأسرة. ورغم كل ذلك قد تأتي النتائج بما لا يتواكب مع الآمال والطموحات التي كانت تتطلع إليها العائلة.
وفي قراءة متأنية لنتائج الثانوية هذا العام تتضح عدة حقائق ودروس يدركها كل من يطالع الأوراق ويستمع الى فرسان المراكز الأولى.
يتصدر هذه الحقائق أن الدروس الخصوصية هي الباب الملكي. الذي يدلف الطالب الى الصفوف الأولي. جميع الطلبة سواء من البنين او بنات فقد قالوا جميعا: لقد أخذنا دروساً خصوصية في كل المواد.
ولم يشفع لبعض هؤلاء الطلاب أن أولياء أمورهم يشغلون مراكز علمية مرموقة، بمعنى أن ابن الرجل البسيط يتساوى مع أصحاب المؤهلات العلمية، ففي ساحة الثانوية العامة وفي مكتب التنسيق الكل سواء حيث تذوب الفوارق بين كل الطبقات ومختلف الفئات
ثانيًا: بلا مواربة لقد فقدت المدرسة دورها الفاعل في الحياة العلمية لأبنائنا، وأن تلك الحقيقة المرة التي تجدد العام تلو الآخر، تؤكد أن استعادة دور التعليم لمكانتها السابقة أصبح ضرباً من العبث، وأن الانفالات هو سيد الموقف. وحركة طلاب الثانوية خلال العام الدراسي تبدو كئيبة، والعزوف عن الحضور للمدرسة هو القاسم المشترك بين كل الطلاب.
وعندما تبادر أي واحد منهم بذلك السؤال التلقائي “لماذا لا تحرص على الحضور بالمدرسة والانتظام في الفصل الدراسي مع زملائك؟ على الفور تأتيك الاجابة الصادمة “اننا لا نستفيد علميا من أي مدرس يدخل الحصة والذهاب للمدرسة ضياع للوقت والجهد.
ثالثًا: أن هناك ظاهرة بدت واضحة في نتائج هذا العام وتتلخص في أن نتيجة الثانية الثانوية لم تتجاوز 41% مما يشير الى أن نحو 59% من هؤلاء الطلاب تتركز تطلعاتهم الى “السنة الفراغ” في العام القادم لكي يلتحقوا بالكليات التي يرغبون فيها، وتراودهم الأحلام أن أرقام كليات القمة سوف تكون منخفضة لقلة الأعداد المتقدمة، ولم يحد من هذا الاتجاه تصريحات المسئولين عن التعليم العالى بأن أرقام القبول بالكليات ستكون مثل العام السابق. الكل يطمع في تحقيق الأمل ضاربا عرض الحائط بتلك التصريحات.
رابعا: ماذا ستفعل وزارة التربية والتعليم المصرية من أجل أن تظل المدارس شعلة نشاط وخلية نحل، تذخر بطلاب واساتذة يبذلون العرق والجهد لتنشئة أجيال قادرة على تحصيل العلم من اساتذتهم بعيداً عن بعبع الدروس الخصوصية، وهل فشلت كل الجهود في تحقيق هذا الدور الرائد، وما هي الصورة المثلى التي سوف يجري تطبيقها في السنوات المقبلة؟
خامسًا: الصورة العامة لابنائنا من الطلاب والتي تؤكد أن المستوى العلمي يتدني لديهم في كل سنة أكثر من سابقتها. الشكوي مرة من هذا الهبوط ولم نجد أي تحرك فاعل لرفع المستوى. التركيز ينحصر في الحشو المتزايد من أجل الحصول على أكبر مجموع في الثانوية العامة. والمستوى لا يعني شيئا للمدرسة أو لاولياء الأمور.
سادسًا: هل النظام الجديد للثانوية العامة سوف يكفل ربط الطالب بالمدرسة ويحقق استفادة الابناء من اليوم الدراسي، وفي نفس الوقت هل مرتبات الكادر للمدرسين سوف تجعل المعلم يتخلي عن الدروس الخصوصية، ويتفرغ بصورة كاملة للعمل الجاد داخل الفصول الدراسية، أم الزمام قد أفلت من يد وزارة التربية والتعليم ولا عودة للزمن الجميل حيث كان المعلم يبذل في المدرسة أقصي جهد من أجل توصيل المعلومات لتلاميذه، رغم أن العائد المالى كان متواضعا.
سابعًا: البحث العلمي يتطلب بناء الطالب علميا وكما تعلمنا من اساتذتنا فإن المرحلة الثانوية هي مرحلة تكوين الطالب. رغم أن الجميع يدرك هذه الحقيقة. فلماذا يجري تجاهلها الأمر يتطلب تدارك الموقف واتخاذ الاجراءات التي يجري من خلالها لتأهيل الطالب للقيام بالجهود الشاقة في البحث والتنقيب من أجل اضافة الجديد للابحاث العلمية والقدرة على المنافسة في المحافل العلمية.
ثامنًا: المناهج والكتب التي يدرسها الطلاب في حاجة الى هزة عنيفة. فالكتاب المدرسي لا يشفي غليل الطالب والكتب الخارجية هي سيدة الموقف والملخصات السريعة هي الفائزة في هذا السباق.
هذه الحقائق وتلك التساؤلات نضعها أمام المسئولين عن التربية والتعليم في المراحل قبل وبعد الجامعة، وكلها تحتاج الى نية وعزيمة صادقة وتكاتف للجهود حتى نستطيع استعادة المكانة العلمية لدور التعليم، وتخريج أجيال قادرة على قيادة الامة الى آفاق النهضة والحضارة بكفاءة واقتدار.
كل امة تريد اللحاق بركب البحث العلمي تتركز جهودها على اصلاح التعليم والاهتمام بكل مراحله، لانه الباب الرئيسي للحصول على رواد يملأون الساحة ثراء وثقافة ونهضة فهل نحن فاعلون؟!