من مكرم كوهين إلي نجاد صابورجان .. تصدقوا أو ماتصدقوش
مصريات
نانسى حبيب
لو كنت من هؤلاء التعساء الذين وقعوا في الفخ وتابعوا مسلسل «ماتخافوش» في رمضان فأنت بالتأكيد تعرف مقدما تلك القصة السخيفة التي استند إليها المسلسل! أما لو كنت واحدا من هؤلاء المحظوظين الذين فلتوا من المصيدة ولم يغرهم اسم الفنان الكبير نور الشريف ليكملوا الحلقات الثلاثين فاسمح لي أن أوضح لك القصة باختصار.. مكرم بدوي من أصول تونسية يأتي الى مصر ليحقق شهرة ويصبح رئيس قناة فضائية ومقدم برنامج ناجح هو «ماتخافوش» الذي يناقش من خلاله القضايا التي تواجه المجتمع العربي رافعا شعار نبذ الخوف لكن مع هجومه الشديد على الإسرائيليين يتلقي تهديدات كثيرة بأن جذوره يهودية!
أعرف أنك أصبت بالشلل الرعاش وربما أصابك الضغط والسكر، لكن اعذرني فالأمر لم ينته بعد ففي الحلقة الأخيرة يحقق مكرم بدوي الكرداوي إنتصاراً كبيراً بعد أن استطاع أن يثبت أن جذوره إسلامية وأن جده مهدي الكرداوي ليس كوهين اليهودي الشرير ليختتم الحلقة بقوله «النهارده أقدر أقول قدامكم مكرم بدوي الإعلامي المصري المسلم» ليغني بعدها «يا أغلى اسم في الوجود»!!
دعك من سخافة القصة والمط والتطويل الذي طال الحلقات الثلاثين ولكن انظر لمدى المباشرة الساذجة في عرض الأحداث بل إن القضية نفسها مغلوطة لأنها هنا تساوي بين اليهودي والإسرائيلي والصهيوني وتقع في نفس الفخ الذي يقع فيه كثيرون رغم أن صناع العمل يفترض أنهم من مثقفي العالم العربي!
ورغم هذا يبدو أن صناع المسلسل كان عندهم «بعد نظر» فها هي القصة تتكرر بحذافيرها وربما نجد الرئيس الإيراني أحمدي نجاد يخرج علينا أمام شاشات التليفزيون فارداً ذراعيه ليقول ذلك الشعار السخيف «تخافوا أو ماتخافوش»!الحدوتة بدأتها جريدة الدايلي تليجراف البريطانية التي اكتشفت وجود أصول يهودية للرئيس الإيراني! بل قالت إن هجومه الشديد على إسرائيل يخفي سراً كبيراً وهو أصوله اليهودية مشيرة الى وجود وثيقة تكشف أن الاسم الحقيقي لنجاد هو «صابورجان» وهو اسم يهودي معناه حائك القماش، وأن عائلة أحمدي نجاد تحولت من الديانة اليهودية الى الديانة الإسلامية بعد ميلاده!
ليس هذا فقط بل إن خبراء بريطانيين أرجعوا سبب هجوم نجاد على اليهود وعدائه الشديد لإسرائيل الى محاولاته إخفاء جذوره اليهودية أمام الشعب الإيراني! وأن نجاد يحاول التخلص من أي شكوك حول علاقته باليهودية من خلال التصريحات المعادية لإسرائيل، لكونه يشعر بالضعف من وجوده داخل مجتمع شيعي متشدد!كل هذه الاتهامات التي وجهتها الصحيفة البريطانية وكان المسلسل قد سبق أن صاغها لم تجب عن تساؤل مهم.. ما المشكلة أن تكون للمرء جذور يهودية؟ أليست اليهودية ديانة سماوية؟ وطبيعي أن بعضا من المسلمين اليوم كانوا من اليهود قبل أن يغيروا ديانتهم ويتحولوا الى الإسلام، كما أن البعض الآخر كانوا مسيحيين قبل أن يتحولوا الى الإسلام باعتبار أن اليهودية والمسيحية أسبق في النزول من الإسلام الذي هو آخر الديانات السماوية.. أين المشكلة إذن؟! ثم إن كل فرد يجب أن يحاسب على عقيدته هو لا عن عقيدة أجداده؟! وحتى يهود اليوم لا يمكن أن نتعامل معهم باعتبارهم إسرائيليين صهيونيين فليس كل إسرائيلي يهودياً ولا كل يهودي إسرائيلي فهناك يهود مصريون وأمريكيون وبريطانيون جنبا الى جنب مع وجود مسلمين يحملون الجنسية الإسرائيلية.يبدو أن نجاح مسلسل «ماتخافوش» أغرى البعض بتحويل «مكرم كوهين» الى «نجاد صابورجان»، لكن إذا كنا سنتعامل مع المسلسلات بهذه الطريقة.. ترى مَن في الحكام والرؤساء يصلح لأن يكون «ابن الأرندلي»؟
مسلسلات——–مسلسلات احنا هنقضي عمرنا كله نتفرج علي المسلسلات—————-انالله وانا اليه راجعون