سليمان جودة
أخشى أن يتطوع أحد ويقول بسرعة: بـ«أمارة إيه» تسأل عن سعادتنا؟!.. وبعيداً عن جدل من هذا النوع، أسأل سؤالاً آخر: هل سمعت عن كوستاريكا؟!..
وقبل أن يتورط بعضنا فى إجابة من النوعية التى أجاب بها بعض الأمريكان، حين سألوهم عن «كوفى عنان» فقالوا إنه مشروب متوافر فى الأسواق، لابد أن نسارع ونقول إن «كوستاريكا» دولة كاملة السيادة، من بين ١٩٢ دولة أعضاء فى الأمم المتحدة..
ولكن ليس هذا هو المهم، ولا المهم أنها تقع فى أمريكا الجنوبية، فالأهم أن استطلاعاً أجرته مؤسسة بيريطانية متخصصة، عن أسعد الناس فى العالم، فكانت النتيجة مفاجأة من العيار الثقيل!
كان المتوقع طبعاً، أن يصل الاستطلاع إلى أن أسعد الناس هم الذين يعيشون فى أمريكا ـ مثلاً ـ أو فى السويد حيث الرفاهية المفرطة فى دول شمال أوروبا، أو حتى فى فرنسا، أو ألمانيا، أو بريطانيا!
ولكن المدهش أن أسعد الشعوب، تبين أنهم هم الذين يعيشون فى أمريكا الجنوبية عموماً، ثم فى كوستاريكا على وجه الخصوص!.. وكان الأكثر دهشة، أنك لست فى حاجة لأن تعيش فى دولة غنية، ولا فى دولة متقدمة، لتكون سعيداً.. بالعكس.. يمكن أن تكون فى «كوستاريكا» التى لا هى دولة غنية، ولا متقدمة وتكون فى غاية السعادة.. لماذا؟!
اتضح أنها دولة بلا جيش تقريباً، وأنها تستغل كل مواردها المتاحة فى الاستثمار فى البشر، وأن أهم بند تنفق عليه أغلب ميزانيتها هو التعليم، ولا شىء غيره ينافسه فى معدل الإنفاق، وقد كان هذا هو السبب الوحيد، فى تراجع إدمان المخدرات هناك، بل وفى اختفاء الإدمان تماماً، لا لشىء،
إلا لأن الإنسان المتعلم تعليماً حقيقياً وراقياً، لديه من الوعى ما يجعله بعيداً عن المخدرات، بكل أشكالها، وقبل الوعى فإنه ليس فى حاجة للبحث عما يغيب به عن وعيه، فالتعليم، والتعليم، ثم التعليم، يغنيه عن كل ذلك، ويجعله من ناحية أخرى، يعيش أطول عمراً، ويمارس حياته فى بيئة نظيفة، وفى طقس عام يحتفى به كمواطن، ولا يطرده، أو يطارده، أو يلاحقه!
الموضوع عندنا، قد يكون فى غاية التعقيد، لأننا لانزال نتعامل مع التعليم، باعتباره هدفاً، فى حين إنه وسيلة لإسعاد الناس، لو حصلوا عليه على وجهه الصحيح.. وإذا كان الدستور الأمريكى قد قال فى إحدى مواده إن السعادة حق لكل إنسان، فهذا هو منجها بالنسبة لنا، وهذا هو الطريق إليها، ولا طريق سواه، إذا كانا حقاً راغبين فى أن يكون المصريون سعداء!
أنت سعيد بقدر حصولك على التعليم الحقيقى، وأنت شقى بقدر نصيبك فيه من الحرمان!
* المصدر “المصري اليوم”