تقرير أخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عن خريطة الفقر في مصر, كشف عن أن هناك قرابة عشرة ملايين مواطن يسكنون في ألف قرية مصرية, تعتبر هي الأفقر في البلاد, يأتي ذلك في الوقت الذي أفاد فيه تقرير الأمم المتحدة عن التنمية البشرية لعام2007 أن14 مليون مصري يعيشون تحت خط الفقر, بينهم أربعة ملايين لا يجدون قوت يومهم, لتبقي مصر في المركز الـ111 بين دول العالم الأكثر فقرا, والسؤال بمنتهي البساطة هو.. هل من حلول لتحسين أحوال هؤلاء الفقراء أم الحال سيستمر كذلك لتكون النسبة قابلة للارتفاع؟ وهل ستستطيع الحكومة أن تواجه الأمر عبر إجراءات وحلول جذرية؟ لذا كان هذا التحقيق الصادم والخطير.
التقرير الأخير للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء, والذي تم بالتحديد وقت تعداد السكان الأخير أشار إلي أن الفقر الذي حددته مقاييس الفقر في الدول النامية يشمل عدم القدرة علي تلبية الحد الأدني من الاحتياجات الأساسية من الطعام والسكن الملائم والملابس والمياه النقية ووسائل التعليم, من جانبه أشار اللواء أبوبكر الجندي رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء إلي أن هذا التقرير كان عبارة عن دراسة أجريت علي4040 قرية في مصر, أكدت أن أفقر مائة قرية تضم715 ألف شخص منهم76 في المائة يعيشون تحت خط الفقر, وأن هناك نحو4,9 مليون شخص يسكنون في أفقر500 قرية60 في المائة منهم فقراء, أما عن متوسط خط الفقر في مصر بلغ1992 جنيها نحو350 دولارا كدخل سنوي للفرد
وأنه يجري بحث ميداني لتحديد الأسر الأولي بالرعاية. هذا ولقد اثارت التصريحات السابقة لوزير الدولة للتنمية الاقتصادية عثمان محمد عثمان حفيظة الكثيرين حيث صرح بأن دخل المواطن الفقير في مصر طبقا للحصر يبلغ100 جنيه شهريا أي نحو20 دولارا ولذا سيتم استهداف ألف قرية فقيرة خلال الخطة الخمسية السادسة الممتدة بين عام2007 وعام2012, بتوجيه موارد واعتمادات اضافية لها وتقديم دعم نقدي لمساعدة هذه الأسر علي تخطي حاجز الفقر واللحاق بقطار التنمية, ولكن كيف يتثني ذلك وما هي الخطة بالتحديد.. لا أحد يدري. تبع ذلك تصريحات أخري بأن معدل الفقر في مصر تراجع إلي18,9% خلال العام2008/2007 مقابل23,4% عام2005/2004 نتيجة ارتفاع معدلات النمو الاقتصادي خلال السنوات الثلاث الماضية.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشف عنه تقرير الأمم المتحدة أن أغلب الفقراء في مصر يعيشون في محافظات الوجه القبلي, حيث تبلغ نسبة الفقراء فيها نحو35,2% من إجمالي عدد السكان, بينما تنخفض نسبة الفقراء بالوجه البحري لتصل إلي13,1%, وتعد محافظة المنوفية من أكثر المحافظات فقرا تليها محافظ الدقهلية ثم الشرقية والقليوبية والإسكندرية والبحيرة والغربية والقاهرة والإسماعيلية.
وأشار التقرير إلي أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقراء عند مستوي إنفاق دولار واحد في اليوم تبلغ3,1% بينما تبلغ نسبة مستوي انفاق دولارين في اليوم43,9% وصنف التقرير أسيوط بوصفها أفقر محافظات مصر, حيث يبلغ عدد الفقراء بها58,1%. فيما تحتل محافظة بني سويف المركز الثاني, وتأتي محافظة سوهاج في المركز الثالث وأشار في المقابل إلي تضخم ثروات الطبقة الغنية في مصر التي يمثل أعضاؤها20% فقط من المصريين, والذين يمتلكون80% من الثروات
بينما يمتلك الـ80% الباقون من مجموع الشعب المصري20% فقط من الثروات. من جانبه أوضح د.صلاح جودة, مدير مركز الدراسات الاقتصادية أن التصريحات الخاصة بمعدلات الفقر في مصر دائما ما تكون متضاربة أو مستفزة, لنجد تصريحا مثلا أن من كان دخله الشهري أقل من166 جنيها كان تحت خط الفقر, والسؤال هو كيف يتثني لشخص أن يعيش أساسا بهذا الرقم الهزيل, فما بين وجبة واحدة في اليوم ومواصلات وكهرباء وغيره وغيره من مستلزمات الحياة الطبيعية والعادية جدا لأي إنسان سنجد أنه يحتاج علي الأقل إلي نحو330 جنيها وفقا لحسابات البنك الدولي الذي حدد الفقير بمن دخله اليومي2 دولار أي330 جنيها في الشهر, وبالتالي يحتاج للدعم ليصل إلي400 أو500 جنيه شهريا
وأن تقرير التنمية البشرية في مصر لعام2008 قد حذر من تلاشي الطبقة الوسطي, وهي طبقة مهمة جدا في جميع دول العالم, وهي التي تضم الموظف والمدرس والمدير والضابط.. إلخ ولكن منذ حكومة عاطف صدقي بالتحديد للإصلاح الاقتصادي حدث تغيير في الهيكل الديموجرافي للسكان ليصل معدل الأغنياء إلي8% وليصل معدل الطبقة المتوسطة إلي15% مقابل40% شكلت طبقة الفقراء و25% لمن هم تحت خط الفقر, وهم الموجودون في العشوائيات ويخرج منهم أكبر معدلات للخارجين علي القانون
وأكد د. صلاح جودة أنه بعد الأزمة المالية العالمية في سبتمبر2008 ومحاولة الحكومة إيجاد الحلول لمواجهة الأزمة المالية العالمية ومحاولة الإنفاق وزيادته حتي يتم تشغيل أكبر عدد من الشباب وكذلك محاولة الحكومة تخفيض مبالغ العلاوة الاجتماعية التي تبلغ10% من أساس المرتبات وعددت الحكومة بأنها ستقوم بانفاق مبلغ30 مليار جنيه علي دفعتين كل دفعة تبلغ15 مليار جنيه, ووعدت الحكومة أيضا بأن هذه المبالغ ستكون من موارد حقيقية, ولكن بعد ذلك اتضح أن الحكومة لم تجد امامها سوي أن تقوم بأخذ مبلغ3 مليارات دولار من الاحتياطي النقدي أي ما يعادل نحو16 مليار جنيه مصري وذلك لمواجهة الأزمة
ثم قامت بتخفيض الاحتياطي النقدي بمبلغ3 مليارات دولار أخري ليصل إلي26 مليار دولار بعد أن كان33 مليار دولار, والأهم والأخطر من ذلك أن هذا المبلغ لا يؤمن احتياجات مصر إلا لمدة45 يوما فقط.. وهذا هو الخطر الأهم والذي يجب علي الحكومة أن تدركه وتعمل علي تلافي هذه الأخطاء وتعمل محاولات جادة لإنعاش الاقتصاد وتوفير فرص عمالة أكثر وذلك لمواجهة ظاهرة البطالة.. حتي يتم نوع من التوازن الاجتماعي.
كما اكد تقرير الصندوق الدولي للتنمية الزراعية التابع للأمم المتحدة وجود48 مليون مصري فقير يعيشون في1109 مناطق عشوائية, ووصف التقرير هؤلاء الفقراء بأنهم جوعي ومرضي, واشارالتقرير الي تعرضهم لكل انواع الحرمان من الغذاء والمأوي والتعليم الجيد والرعاية الصحية الكاملة, كما ان الفقر هو الدافع الرئيسي لارتكاب العديد من الجرائم ما بين السرقة والقتل والانتحار وبيع الاطفال والتسول. كحلول ممكنة اشار د.صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية الي امكان استثمار جزء بسيط من اموال الميزانية المهدرة وهي نحو22 مليار جنيه تم صرفها بدون مستندات, وتعديل اتفاقيات تصدير الغاز مع اسرائيل والاردن واوكرانيا وبيعه بالسعر العالمي مما سيوفر نحو17 مليار جنيه فورا, واضاف د.صلاح جودة ان تدوير المخلفات الزراعية يمكن ان يوفر ايضا اكثر من12 مليارجنيه بالإضافة الي150 الف فرصة عمل بشكل فوري وسريع.
واخيرا أوضح د.حمدي عبدالعظيم الخبير الاقتصادي والرئيس الاسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية انه يوجد تفاوت كبير في توزيع الدخل بين الطبقات, حيث اوضح تقرير التنمية البشرية ان اغني20% من السكان يحصلون علي43,6% من الدخل القومي
بينما افقر20% لايتحصلون سوي علي8,6% من الدخل القومي بما يعكس التفاوت الطبقي وسوء توزيع الدخل وتركز الثروات, كما حدث نمو في مناطق الاسكان العشوائي في جميع انحاء مصر لتضم المهمشين كما توجد بعض الدراسات التي تقدر عدد العاطلين في مصر بنحو مليوني شخص وتقدرهم دراسات اخري بنحو6 ملايين كما يوجد في مصر7,1 مليون من اصحاب المعاشات الخاضعين لمختلف الانظمة التأمينية وهم جميعا ضحايا التضخم وتدهور الخدمات التعليمية والصحية, واضاف د.حمدي عبدالعظيم ان الحلول تتمثل في عدة نقاط مهمة جدا تتلخص في دعم الغذاء والدواء والصحة وزيادة معدلات الدعم مع ارتفاع الاسعار, مع تثبيت اسعار المواد الاساسية وتقديم الصندوق الاجتماعي مشروعات خاصة بالشباب مع تخفيض سعر الفائدة بالإضافة لدعم مشروعات المرأة المعيلة من خلال توفير قروض بدون فوائد علي الإطلاق مع تحصيل اقساط من نتيجة بيع منتجاتها أولا بأول.
حسبنا الله نعم الوكيل
استاد يكلف 250 مليون دولار و4 مليلون لا يجدون قوت يومهم