مصريات – كتبت يسرى اسحاق: فيما يلي، وبمناسبة موعد حلول العام الهجري الجديد وغرة شهر المحرم، أول شهور السنة الإسلامية الهجرية، التي يجري استطلاعها بناء على الحسابات الفلكية المعتمدة على حركة القمر واقترانه بالشمس وتموضعه (مكوثه)، سنتناول بشكل مبسط بعض المعلومات عن كل ما يتعلق بالتقويم الاسلامي الهجري، وما علاقته بالتقويم العربي فيما قبل الاسلام، وما هي قصة اعتماده؟ ومتى واين ولماذا اصبح ما يعرف بالتقويم القمري هو التقويم الهجري الاسلامي الرسمي المعتمد حاليًا في تحديد بداية كل شهر من الشهور الهجرية، كذلك سنتطرق إلى معاني اسماء هذه الشهور اعتمادًا على مصادر عربية واسلامية معتبرة.
* ما هو التقويم القمري وكيف يحتسب زمنه فلكيًا؟
يقوم التقويم القمري على مبدأ فلكي أساسي يتمثل في أن القمر يكمل دورته الكاملة حول الأرض مرة واحدة في كل 27 يوم ونصف اليوم تقريبًا، حيث يبدأ من الوقوف قرب الشمس في السماء، ثم يقوم بالدوران حول الأرض ليعود ثانيةً إلى نفس النقطة من جديد (اي بجوار الشمس) أو ما يطلق عليه بمصطلح “لحظة الاقتران”.
وتعتمد لحظة اقتران القمر (يبدو ظاهريًا على شكل هلال عادةً) بالشمس على مكوث الهلال، اي بعد غروب الشمس، فاذا مكث الهلال لفترة كافية في السماء، فهذا يعني إمكانية رؤيته (بالعين المجردة او باستعمال المراصد الفلكية) وعليه يعتبر أن صباح اليوم التالي هو بداية شهر قمري جديد، أما إذا استحالت الرؤية فإن اليوم هذا يعتبر متممًا، ويصبح اليوم الذي سيأتي بعده هو بداية الشهر.
* ما هي قصة اعتماد التقويم القمري عند العرب قبل الإسلام؟
قد يعتقد البعض أن التقويم العربي (القمري) مرتبط فقط مع الهجرة النبوية الشريفة، ولكن وحسب مصادر تاريخية عربية وإسلامية فان العرب استخدموا هذا التقويم قبل ظهور الإسلام بقرون عدة.
– ما هو سبب توحيد التقويم العربي؟
حيث، ومن المعروف بأن الحج إلى الكعبة كان طقسًا يمارس قبل الإسلام، فقد كان العرب حريصون على القيام بزيارة الكعبة والحج إليها بشكل دوري وباوقات تقريبية. غير ان الاختلاف بين القبائل العربية في تحديد مواعيد الحج وتوقيته بسبب التباين في اسماء الشهور العربية، ومتى يبدأ كل منها حسب الترتيب الذي كان خاصًا بكل قبيلة، ادى إلى البحث عن تقويم موحد لأسماء الأشهر وتوقيت بداية كل منها.
فتداعى سادة وزعماء القبائل العربية في ذلك الحين، لعقد اجتماعًا بهدف توحيد أسماء الأشهر العربية، وتم ذلك الاجتماع في العام 412 ميلادية بمدينة مكة (تشير بعض المصادر، إلى ان هذا الاجتماع إنعقد في بيت “كلاب بن مرة” الجد الخامس للنبي محمد صلى الله عليه وسلم).
وبالفعل تم الاتفاق على تقويم عربي موحد (اصبح يوصف لاحقًا بالتقويم الإسلامي الهجري) ويشمل جميع انحاء شبه الجزيرة العربية وقبائلها.
* متى تم اعتماد التقويم الهجري الإسلامي؟
اصبح التقويم “العربي القمري” (الذي قمنا بشرح قصة والغرض من اعتماده أعلاه) هو التقويم الهجري الرسمي للدولة الإسلامية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وتحديدًا بعد مضي عامين ونصف العام على خلافته، وسمي لأول مرة بالتقويم الهجري في شهر ربيع الأول للعام السادس عشر لهجرة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم. فصار يوم الأول من شهر المحرم هو بداية السنة 17 للهجرة، وبداية العمل بالتقويم الهجري الذي نعرفه حاليًا.
* ما هو ترتيب الشهور الهجرية وسبب اختلاف توقيتها؟
مثلها في ذلك مثل السنة الميلادية يبلغ عدد شهور السنة الهجرية 12 شهرًا وهي بالترتيب:
المحرّم، صفر، ربيع الأول، ربيع الآخر، جمادى الأولى، جمادى الآخرة، رجب، شعبان، رمضان، شوال، ذو القعدة، ذو الحجة.
إلا انه، وكما ذكرنا أعلاه ونظرًا لاعتماد التقويم الهجري (القمري) على حركة القمر، فان السنة الهجرية تصبح متقدمة كل عام بمدة 11 يومًا عن العام الهجري السابق، وهذا هو سبب مصادفة الشهور الهجرية باوقات زمنية وفصول مختلفة، فقد يصادف نفس الشهر في الربيع او الخريف او الصيف أو الشتاء.
* ما معاني اسماء الشهور الهجرية؟
فيما يلي شرح لمعاني أسماء شهور التقويم الهجري حسب ترتيب وقوعها:
-
1- المحرّم: هو أول شهور السنة الهجرية ومن الأشهر الحرم، وسُمِّي بالمحرّم (المُحَرَّم الحَرَام) لأن العرب قبل الإسلام كانوا يحرّمون القتال فيه.
-
2- صفر: سمي صفرًا لأن ديار جزيرة العرب قبل الإسلام كانت تصفر (من الصفير) أي انها كانت تخلو من ساكنيها بسبب ذهابهم للقتال في الغزوات والحروب.
وفي شرح آخر لمعنى شهر صفر يقال أن العرب حين كانوا يغزون فيه قبيلة ما، يغتنمون ما فيها ويتركون من لقوا من اهلها صفر المتاع.
-
3- ربيع الأول: سمي بذلك لأن تسميته جاءت في موسم الربيع فلزمه ذلك الاسم.
-
4- ربيع الآخر: سمي بذلك لأنه يلي الشّهر الذي قبله والمسمّى بربيع الأوّل.
-
5- جمادى الأولى: وكان هذا الشهر يسمى قبل الإسلام باسم جمادى خمسة، اما سبب التسمية فيعود إلى وقوع شهر جمادى (مؤنثة اللفظ) في موسم الشتاء وقت التسمية حيث يجمد الماء.
-
6- جمادى الآخرة: سمي كذلك بسبب وقوعه بعد الشّهر المسمّى بجمادى الأولى.
-
7- رجب: وهو من ايضًا من الأشهر الحرم، وسمي رجبًا لأنه من الأشهر الحرم حيث كانت العرب ترجب رماحها فيه أي تنزع النصل من الرمح ويكف فيها العرب عن القتال. وقيل ايَضا: رجب أي توقف عن القتال.
-
8- شعبان: لأنه شِعب اي يقع بين شهري رجب ورمضان، كما قيل انه سمي شعبان لأن الناس تتفرق فيه ويتشعبون بحثًا عن الماء.
وفي شرح آخر لمعنى تسمية “شعبان” قيل إنه ربما سمي بشعبان لأن العرب كانوا يفترقون فيه ويتشعبون بغية للحرب بعد قعودهم عنها في الشهر المحرم الذي يسبقه وهو رجب.
-
9- رمضان: وهو شهر الصّوم في الاسلام. سُمّي بهذه التسمية لشدة وقوع اشعة الشمس اي “رموض الحر” وذلك في وقت اطلاق التسميه، بسبب مصادفته بفترة شديدة الحرارة.
-
10- شوال: وهو الشهر الذي يصادف بدايته مع عيد الفطر من كل عام، اما سبب تسميته بشوال فغهو يعود إلى مصطلح “شولان” النوق بأذنابها بحالة حملها في هذه الفترة “أي هزلت وجف لبنها”، فكان يقال تشوَّلت الإبل: إذا هزلت وجفّ لبنها.
-
11- ذو القعدة: وهو ايضًا من الأشهر الحرم، وسمي ذا القعدة لأنه أول الأشهر الحرم وفيه تقعد العرب عن الحرب.
-
12- ذو الحجة: وهو آخر شهور السنة في التقويم الهجري، وهذه التسمية مرتبطة بموسم الحج وعيد الأضحى، وهو من الأشهر الحرم، واطلق عليه هذا المسمى لكون العرب قبل الإسلام كانوا يذهبون للحج إلى الكعبة في مكة بهذا الشهر.
* هل يجوز الاحتفال بقدوم رأس السنة الهجرية؟
جرت العادة في العقود الاخيرة أن يحتفل المسلمون في انحاء شتى من العالم بحلول العام الهجري الجديد، كما انه عطلة رسمية في غالبية الدول العربية، ولكن وبما أن الاجابة على هذا السؤال قد تختلف ما بين إباحة وتحريم، كونه من المواضيع الفقهية الشائكة التي نتجنب الخوض فيها، لهذا سنكتفي هنا برأي دار الافتاء المصرية الذي اصدرته البارحة على موقعها الرسمي، حول جواز الاحتفال بالسنة الهجرية، حيث قالت ما نصه:
أن الاحتفال بالسنة الهجرية جائز شرعًا، ويجوز للمسلم أن يصوم به، لما رواه عن أبي هريرة عن النبي محمد صلي الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللهِ الْمُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرِيضَةِ صَلَاةُ اللَّيْلِ» رواه مسلم.
واضاف البيان الصادر عن دار الافتاء المصرية:
أن النبي وصل النبي إلى المدينة في شهر ربيع الأول، لكن جُعِل شهر المحرم بداية العام الهجري لأنه كان بداية العزم على الهجرة؛ يقول الحافظ ابن حجر في “فتح الباري” (7/ 268، ط. دار المعرفة): [وَإِنَّمَا أَخَّرُوهُ -أي التأريخ بالهجرة- مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ إِلَى الْمُحَرَّمِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَ الْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ كَانَ فِي الْمُحَرَّمِ؛ إِذِ الْبَيْعَةُ وَقَعَتْ فِي أَثْنَاءِ ذِي الْحِجَّةِ وَهِيَ مُقَدِّمَةُ الْهِجْرَةِ، فَكَانَ أَوَّلُ هِلَالٍ اسْتَهَلَّ بَعْدَ الْبَيْعَةِ وَالْعَزْمِ عَلَى الْهِجْرَةِ هِلَالُ الْمُحَرَّمِ، فَنَاسَبَ أَنْ يُجْعَلَ مُبْتَدَأ. وَهَذَا أَقْوَى مَا وَقَفْتُ عَلَيْهِ مِنْ مُنَاسَبَةِ الِابْتِدَاءِ بِالْمُحَرَّمِ] اهـ.
وعليه، وبحالة كنت من اصحاب الرأي القائل بجواز الاحتفال والمباركة بهذه المناسبة، سوف تجد بالمواضيع المشابهة ادناه وعلى صفحات موقع مصريات، الكثير من وسائط تهنئة رأس السنة الهجرية من رسائل قصيرة وادعية دينية مختلفة وصور وكروت تهاني وبطاقات صوتية ومتحركة.
كل عام وأنتم بالف خير! وسنة هجرية جديدة سعيدة على جميع الشعوب الاسلامية.